كمال زكارنة
لا يمكن ان تسمى الفوضى التي تصل الى حد الايذاء، بانها احدى صور الديمقراطية ،بغض النظر عن المكان الذي تحدث فيه،او الاشخاص الذين يمارسونها، كما لا يمكن ان تدخل في مفاهيم الديمقراطية المعروفة،وتبادل اللكمات بين اعضاء مجلس النواب الذين يعتبرون السلطة التشريعية،لا يسمى سلوكا ديمقراطيا ،وانما اعتداء متبادل ،مهما كانت الاسباب.
الديمقراطية تضمن حرية التعبير عن الرأي والموقف،وعدم الخضوع للضغوطات او الابتزازات ،ولا تجيز العنف ضد الاخر ولا الحاق الأذى بالغير بسبب المواقف المتباينة،او الاختلاف في الرأي ووجهات النظر.
قد يخرج علينا البعض، ويقول ان ما حدث في مجلس النواب من شجار عنيف وصل الى حد الضرب المتبادل،انه يحصل في كثير من برلمانات العالم،نعم يحصل ،لكن هذا النوع من التقليد لا يجوز ان ينسحب على مجلس النواب الاردني،الذي يقر القوانين بعد نقاشها واجراء مداولات مطولة بشأنها،قبل انجازها وتحويلها الى مجلس الاعيان لتأخذ مجراها الدستوري،وفي كل جلسة نيابية هناك نقاشات عديدة وآراء كثيرة،فاذا كان كل نقاش سيوتر الاعضاء بهذا الشكل، هذا يعني ان المجلس يعاني من ازمة حقيقية لا بد من دراستها وبحثها لاتخاذ القرار المناسب.
ما جرى يؤكد حقيقة مهمة،وهي ان القدرة على التعامل مع الديمقراطية وبالديمقراطية،اهم بكثير من منح الديمقراطية،ولا يمكن تبرير الاخطاء السلوكية من قبل البعض بأنها استغلال مساحة من الديمقراطية،وربما يكون خيار اللجوء الى التصويت على أ ي قرار او بند او اي موضوع ،قد يثير التوتر في المجلس هو الانسب، لاحتواء اي صدام بين اعضاء المجلس.
الانفعال السريع والنزعة نحو العنف ، تؤشر الى وجود احتقانات متراكمة بين الاعضاء،ولم يعد لديهم القدرة على احتمال آراء بعضهم البعض اذا تباينت.
من المعروف ان مجلس النواب هو مجلس الديمقراطية ،فهو مجلس منتخب يعبر عن ارقى انواع الديمقراطية ،لان فيها حرية الاختيار وحرية الرأي،وممارسة الانتخاب الحر والنزيه تشكل ابهى صور الديمقراطية في الدول.
لغة التخاطب والتلاسن احيانا تتطور الى حد الشجار،وهذه ليست الصورة النمطية التي يتحلى بها مجلس النواب،الذي يقر القوانين والتشريعات ،التي تضع اسس الحياة العامة وتبني مداميك العمل المؤسسي في جميع مفاصل الدولة،وتضبط ايقاع نظام سلوك المجتمع،هذا دور مجلس النواب وهكذا يجب ان يستمر.