أ. د. بـــــــلال أبوالهــدى
لقد خلق الله آدم عليه السلام ومن ثم خلق زوجه من نفسه، من ضلعه الأيسر وبث منهما رجالا ونساءا كثيرا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (النساء: 1). ومن ثم أرسل الأنبياء والرسل والكتب السماوية لبني آدم في الرسالة اليهودية وبعدها الرسالة المسيحية، وكانت الديانة الإسلامية آخر ما أنزله الله من السماء والقرآن الكريم خاتم الكتب السماوية واكملها وأشملها والذي يصلح لكل زمان ومكان وذلك لإختلاف أصحاب الرسالات السماوية اليهود والمسيحية فيما بينهم (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُون (البقرة: 113)). وبعد ذلك جعل ذرية بني آدم شعوبا وقبائل مختلفة في اللون واللغة والدين والعادات والتقاليد والطباع من اتباع الرسالات السماوية السابقة والديانة الإسلامية (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (الروم: 22). واستمرت الحياة ورافقها تطورات علمية وتكنولوجية مختلفة ومتعددة لدرجة أن كثيرا من الأمم الأجنبية غير المسلمة بعدت عن رسالاتها السماوية وأصبح يضبط جميع أمور حياتهم القوانين البشرية الوضعية وليست السماوية. ومرت هذه الشعوب في حروب عديدة واكبرها واخطرها على البشرية كانتا الحرب العالمية الأولى والثانية واظهرت الظروف القاسية التي مروا فيها كم كانت وما زالت قوانينهم الوضعية هشة وضعيفه في مواجهة تلك الظروف وإنتشر بينهم القتل والذبح والإغتصاب والسرقات وهضم الحقوق . . . إلخ من تجاوزات على القانون السماوي الرباني.
ولقد أمتحنت الأمة الإسلامية في جميع دولها وفي أكثر من مرحلة زمنية من مراحل الإستعمار الأجنبي سواء أكان الإنجليزي أو الفرنسي او الإيطالي أو غيرها. وتم مقاومة الاستعمال بمختلف أنواعه وأجناسة بسبب قوة الإيمان بالديانة الإسلامية ونشأة وتربية أتباعها القويمة والصحيحة. كما ومرت الأمة الإسلامية والعربية في مختلف الدول أيضا بما يسمى بالربيع العربي من تآمرات من الدول العظمى عليها وصمدت وتجاوزت تلك الظروف القاسية والصعبة والقاهرة جدا وحافظت على أسسها الدينية وعاداتها وتقاليدها الراسخة والمتينة والقوية. وإذا ما قارنا شعوبنا الإسلامية والعربية مع شعوب الدول الأجنبية الأوروبية وغيرها في العالم فنجد أن تلك الشعوب لم تنجح في الإمتحانات القاسية والصعبة والقاهرة واحدثها الحرب الروسية الأوكرانية. وشاهدنا على قنوات التلفزيون والمحطات الفضائية الأجنبية والعربية كيف تم كسر القوانين اليشرية الوضعية في أمريكا والدول الأوروبية من قبل أفراد شعوبها وتم الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وإشعال الحرائق والتدمير والسرقات عندما ضاق الحال بين أفراد تلك الشعوب إقتصاديا وإرتفعت أسعار المواد التموينية والمحروقات عندهم. فكم ضاقت أحوال شعوب الدول الإسلامية والعربية وارتفعت أسعار المواد التموينية والمحروقات بشكل كبير وأضعاف من الزيادات في رواتبهم وردعهم دينهم وتربيتهم الإسلامية عن القيام بأي سرقات أو هدم أو تدمير للمتلكات العامة أو الخاصة. وهذا يثبت للناس في العالم بأسره أن القانون الرباني السماوي والتربية الدينية الصحيحة أقوى بكثير من القوانين البشرية الوضعية. فعلى الناس أجمعين أن يطلعوا على تعليمات الدين الإسلامي ويأخذوا بهذه الآيات وغيرها من كتاب الله القرآن الكريم (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (البقرة: 38)، (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (الحجرات: 13)).