أ. د. بـــــــلال أبوالهــدى
يعرف ألبرت اينشتاين الغرور بمعادلة بسيطة وهي:- الغرور = 1/ المعرفة وأنا أضيف عليها الكبر فتصبح المعادلة، الكبر والغرور = 1/المعرفة والثقافة فكلما زادت المعرفة والثقافة عند الإنسان نقص الكبر والغرور وكلما قلت المعرفة والثقافة عند الإنسان زاد الكبر والغرور، ونقصد هنا المعرفة بالآخرين والثقافة عنهم وكما يقول المثل العامي ” اللي ما بعرف الصقر بقليه “. والكبر والغرور، صفتين قبيحتين يتصف بها بعض الناس ربما معظمهم هذه الأيام ذكورا وإناثا، وتعتبر هذه الصفات من الإنحرافات الأخلاقية والمجتمعية، ولا يتسم بها الإنسان السوي والعاقل والمتربي في بيت اهله والواثق من نفسه. وهاتين الصفتين أيضا ممقوتتين في كتب الرسالات السماوية السابقة والديانة الإسلامية بالخصوص (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (البقرة: 34)، (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ (فاطر: 5)، (إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلَا يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِى سَمِّ ٱلْخِيَاطِ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُجْرِمِينَ (الأعراف: 40)). وفي علوم التربية والأخلاق، يوصف الشخص المتكبر والمغرور بأنه يتصرف بفخر كبير بما يمتلكه من ثروة أو مكانة أو تعليم أو وسامة أو إنتسابه لعشيرة كبيرة أو الإنتساب لأحد المحافل أو الجمعيات أو المؤسسات أو المنظمات الدولية … إلخ. ويشعر بأنه الأفضل ويحاول التقليل دوماً من شأن الآخرين من حوله، كما أنه يفخر بافتراض نفسه مهماً للغاية وهو غير ذلك، وبدون وجود أي مبرر حقيقي لما يشعر به. وقد يتصرف في بعض الأحيان مع الآخرين بإحتقار وإظهار العداء لهم ويصعب عليه تقديم التنازلات والإعتراف بالإساءة لهم. وتُصنف آفتي الكبر والغرور بأنهما من أعظم المفاسد الأخلاقية التي يتعرض لها الأفراد والمجتمعات في وقتنا الحاضر، وذلك لما تسببه من مشاكل كثيرة وعديدة لأصحابها والمحيطين بهم.
يوجد بعض العلامات التي يمكن من خلالها الإستدلال ومعرفة كون الشخص متكبرا ومغرورا ومنها: الحضور بشكل متأخر وبإستمرار للإجتماعات أو المحاضرات أو الندوات … إلخ للفت الإنتباه وخطف أنظار الجميع لشخصه. كما يقوم بمقاطعة حديث الآخرين، ويبدي عدم الاهتمام بآرائهم، ويرفض الإعتراف بأخطائه، ودوما يبحث عن مبررات لتفسير أخطائه ليثبت أنه على حق وبشكل دائم، علاوة على التشكيك في قدرات جميع من حوله على إنجاز المهام المختلفة والموكلة لهم، ويقوم بإحتقار هم وبإحتقار الضعفاء منهم. ولا يشعر ولا يعترف بما لديه من نقاط فشل وضعف وقلة حيلة. ويعتبر كل من لا يحبه من حوله أعداء له ووجودهم تهديدا لشخصه ولمصالحه، ولا يتقبل الاختلافات في وجهات النظر مع الآخرين، وليس لديه القدرة على التعامل مع الناس المختلفين ويخشى مقابلتهم ولا يستطيع إيجاد حل أو حلول لأبسط المشاكل التي تواجهه. وليس لديه القدرة على بناء علاقات إجتماعية مع الآخرين لأن الناس تبتعد وتتجنب كل متكبر ومغرور. الكبر والغرور انواع منها ما يكون زيادة الثقة في النفس بشكل غير منطقي ومعقول ومبرر، ومنها ما يكون مقصودا نتيجة لعدم الثقة بالنفس وفقدان مواصفات المبدعين والمتميزين فيحاول المتكبر والمغرور التكبر والتعالي على الآخرين لتغطية النقائص والسلبيات التي عنده، وهذا النوع موجود منه الكثير لأننا في زمن الرويبضة. فعلينا ان نعترف أيضا بأن بعض الناس المتملقين والوصوليين وضعاف النفوس . . . إلخ، هم من يصنعوا الأشخاص المتكبرين والمغرورين عندما يعطون لهم قيم وهم لا قيم لهم ويهتمون فيهم وهم لا يستحقون الإهتمام نهائيا. وسيبقى المتكبرون والمغرورون ضعافا لا يستطيعون إتخاذ أي قرار بأنفسهم بل تملى عليهم القرارات والأوامر وهم ينفذونها دون فهم أو نقاش لها وما عليهم إلا قول: حاضر سيدي، لكل من يملي عليهم القرارات والأوامر.