سهير جرادات
منذ أن فُرض علينا لبس الكِمامة ، ومن يومها ( الكمامة لا تزال في جيبي )، أعلم بوجودها في جيبي لكن لا أعلم متى سأتخلص منها ، وألقيها بعيدا عني ، وأتحرر منها لتعود جيبي فارغة منها!! أصبحت الكِمامة الشماعة، التي نعلق عليها تسويف قراراتنا ، فلغاية هذه اللحظة؛ لم يتم إعطاء جواب شاف فيما يتعلق بتحديد موعد إجراء الانتخابات النيابية أو عدم إجرائها ، وما يترتب على القرار من حل للبرلمان و”ترويحة الحكومة “، وتشكيل حكومة جديدة للإشراف على الانتخابات ، ليتم بعدها إصدار قرار باستقالة الحكومة أو إعادة تدويرها لتشكيل حكومة جديدة !!
وأصبح قرار حل البرلمان “وترويحة الحكومة” حاله حال وجود الكِمامة في جيبي ، نشعر بوجودهما ونستعجل رحيلهما ، لشعورنا بعدم ضرورتهما، وكل ما نفعله هو طرح الأسئلة على أنفسنا ، لماذا الكِمامة ؟ هل ارتداؤها يقي من الإصابة بالفيروس اللعين ؟ لماذا جيء بهذا الرئيس ؟ ولماذا نطالب برحيل الحكومة ؟ وماذا حقق مجلس النواب؟ وأين أخفق؟ .. أسئلة كثيرة لا نجد لها إجابات ، ولا حتى متابعات صحفية ، حيث تنحصر المتابعات بكتاب التكليف السامي الذي يوجه عند تشكيل الحكومة ، كمنهج لها ورسم مخطط تنفيذي لعملها، لكن لا الحكومات تنفذ ولا الجهات الرقابية تتابع، وترحل الحكومة دون تقديم جردة حساب ، ولا أحد يُحاسِب ، ويبقى السؤال : من يحاسب من ؟!.. وحال الشعب الأردني مع الحكومات المتعاقبة ، والمجالس النيابية المتتالية ، يذكرنا بحال المواطن الذي رغم الضغوطات المالية التي يعانيها ، قرر أن يقتص جزءا من المال من قوت عياله ، ليحيي هواية كان يعشقها ويحرص على ممارساتها، بشراء تذكرة لحضور عرض مسرحي. وما إن بدأ الفصل الأول من المسرحية ، وفور الانتهاء من التصفيق لبدء العرض ، ومن كثرة الأعباء اليومية وضغوطات الحياة ، والمتطلبات الحياتية التي تفوق دخله والروتين الذي يعانيه خلال مطاردته وراء المعاملات ، والبيروقراطية عند مراجعته للدوائر الحكومية ، والفواتير التي لا ترحم ، ولهاثه خلف “جني” ما يسد حاجته وأسرته ، ثقلت جفونه من التعب ،حتى غلبه النعاس وذهب في سبات عميق . و لما نهض مفزوعا على صوت تصفيق الجمهور الحار، اكتشف أن المسرحية قد انتهت كما بدأت بالتصفيق الحار للممثلين والمؤدين والكومبارس ، وبعد أن أدرك أن أحداث المسرحية التي حلم وخطط كثيرا لحضورها ، قد انتهت وهو نائم من شدة تعبه ، لم يجد أمامه إلا أن يصفق مع المصفقين على شيء لم يره ولم يفهم حيثياته ولم يوافق عليه ، وأخذ بالتصفيق بحرارة ، وكانت وتيرة تصفيقه تزداد كلما ازدادت وتيرة تصفيق الجمهور .. وانتهت المسرحية ، وخرج كما دخل ، حيث دخل وكله شوق لمشاهدة المسرحية ومعرفة مجرياتها واحداثها لتجيب عن كثير من التساؤلات التي تدور في ذهنه أو لمناقشة احداثها او أن يطلع على مجريات المسرحية ، إلا انه نام، وفاته مشاهدة فصول المسرحية ، لكن الفارق الوحيد ، أنه دخل وكله أمل وخرج وكله خزي من نفسه، بأن الوقت مر من جانبه ، واثقلته متاعب الحياة ومشاغلها عن متابعة فصول المسرحية ، ليتيح بنومه فرصة للمؤدين أن يأخذوا راحتهم في أداء أدوارهم ، لان الحسيب والقريب في سبات عميق وفي غفلة من امرهم .. لتنتهي المسرحية كما بدأت بالتصفيق الشديد !!..
سيأتي يوم سنتخلص فيه من كل ما يزعجنا ، سواء الكِمامة أو عدم الرضا عن الحكومة أو أداء مجلس النواب ، ولكن لغاية ذلك الوقت ” الكِمامة لا تزال في جيبي “..