أ. د. بـــــــلال أبوالهــدى
لقد خلق الله الليل والنهار والشمس والقمر (وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِى فَلَكٍۢ يَسْبَحُونَ (ألأنبياء: 33)). وخلق الله الفصول ألأربعة الشتاء والربيع والصيف والخريف كل منها ثلاثة أشهر عندما خلق السموات والأرض (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (التوبة: 36)). والله خالق كل شيء في هذا الكون من كل ما دق وصغر من ألأشياء التي لا ترى بالعين المجرده كالفيروسات وكل ما كبر وضخم كالنجوم والمجرات (ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُ.وَ خَٰلِقُ كُلِّ شَىْءٍۢ فَٱعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ وَكِيلٌ (الأنعام: 102)). وتحدى الله كل من يدعي أنه عظيم وبيده تحديد مصير العالم لما عنده من قوة نووية أو هيدروجينية أو كهرومغناطسية أو قوة بشرية بالعدة والعتاد بقوله تعالى (هَٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِى مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦ ۚ بَلِ ٱلظَّٰلِمُونَ فِى ضَلَٰلٍۢ مُّبِينٍۢ لقمان: 11)). فهل يستطيع أحد من زعماء الدول العظمى في العالم بكل ما يملك من قدرات عسكرية وتكنولوجية متطورة للغاية وما يملك من مال وقوة إقتصادية ومالية تغيير ما خلقه الله وبالخصوص فصل الشتاء أو الصيف في اي بقعة في الكرة الأرضية؟. وقد ضرب الله لنا مثلين في القرآن الكريم، أولهما النمرود (أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِى حَآجَّ إِبْرَٰهِيمَ فِى رَبِّهِ أَنْ ءَاتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَٰاهِيمُ رَبِّىَ ٱلَّذِى يُحْىِۦ وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا۠ أُحْىِ وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِى بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِى كَفَرَ ۗ وَٱللَّهُ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِين (البقرة: 258)). ومثل آخر قارون (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ، قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ، فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ، وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ، فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِن الْمُنْتَصِرِينَ، وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (76-82)).
ولقد حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خطرين يهددان العالم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية واولهما: المجاعة التي ستعاني منها معظم دول العالم وبالخصوص دول الشرق الأوسط وغيرها من الدول التي تعتمد إعتمادا كليا على القمح المزود لها من روسيا وأوكرانيا بسبب الحرب القائمة الآن. وثانيهما: المعاناة الشديدة وضيق العيش بسبب قلة تزويد الغاز والبترول الروسي لمعظم دول أوروبا إذا لم تكن جميعها وقد صرح رئيس الوزراء الفرنسي وغيره من زعماء الدول الأوروبية وأمريكا لشعوبهم أن حياة الرفاهية قد ولت فعليكم بالتقشف. علاوة على نزول قيمة اليورو وغيره من العملات في العالم، وتدهور ميزان الإقتصاد ليس على مستوى أوروبا فحسب بل على المستوى العالمي. هذا قبل أن تنشب حرب عالمية ثالثة بين جميع الدول العظمى في العالم ومن يدور في فلك كل دولة عظمى أو الحلف المسؤولة عنه، فكيف إذا نشبت حرب عالمية ثالثة؟. فالدول الأوروبية مهددة بفصل شتاء قارص جدا وربما مميت لبعض أفراد الشعوب في العالم، وذلك بسبب نقصان تزويد الغاز والبترول لهم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. فهل يستطيع أي زعيم من زعماء الدول الأوروبية أو العالم أو زعماء دول حلف الأطلسي أو دول مجلس الدول الأوروبية المشتركة مجتمعين تأجيل فصل الشتاء الذي خلقه الله حتى تنتهي الحرب الروسية الأوكرانية أو لحين توفير مصدر آخر للغاز أو البترول؟، بالطبع لا. وليعلم زعماء العالم أجمعين أنهم ليس لهم من الله من ولي ولا نصير (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِىٍّۢ وَلَا نَصِيرٍ (البقرة: 106 و 107)). فنسأل الله أن يهدي جميع زعماء دول العالم غير المسلمين والمسلمين معهم إلى العوده لكتاب الله وسنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام الصحيحة ويدافعوا عن الدين الإسلامي والمسلمين كما دافع ويدافع عنهم الملك تشارلز الثالث ملك بريطانيا الحالي الذي ورث الحكم عن والدته اليزابيث الثانية التي توفاها الله يوم أمس الخميس الموافق 8/9/2022 ويعلموا جيدا أنه ينطبق على بعضهم إذا لم يكن معظمهم (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت:41)). ونتساءل: اللهم لا شماته، هل حان الوقت لإنتقام رب العالمين من زعيم كل دولة أوروبية وأمريكا وغيرهم من زعماء الدول ويجعل بأسهم بينهم شديد، الذين ظلموا الرئيس العراقي صدام حسين وغيره من زعماء الدول العربية الأحرار وشعوبهم؟ كما قال تعالى(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ، وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (النحل: 61، آل عمران: 178)).