ضيف الله قبيلات
تآمر أبناء يعقوب عليه السلام على أخيهم الأصغر يوسف بسبب المكانة التي كان يحظى بها عند والده, ربما لكونه أصغرهم سنّاً حينئذ, حيث أقرب الأولاد لقلب أبيه على العموم في العادة الغائب حتى يعود و المريض حتى يشفى و الصغير حتى يكبر, و قد يكون هذا هو البعد الذي فاتهم إدراكه.
لم يكن بمقدورهم الاتفاق على قتل يوسف لأن الله تعالى قد أرار له الحياة, و فيها التمكين, و أين ؟ في مصر بعيداً من هنا.
أوحى الله تبارك و تعالى للطفل يوسف و هو في البئر مطمئناً له “لَتُنبّئنّهم بأمرهم هذا و هم لا يشعرون”.
مضى يوسف راضياً بما قدّر الله تعالى له, حيث بيع بثمن بخس “دراهم معدودة” ثم خادماً في القصور فمتّهماً فبريئاً فسجيناً لسنوات طويلة, لكنه ظلّ ثابتاً مؤمناً, علّمه الله تأويل الأحاديث و تفسير الرؤى, “يوسف أيها الصديق افتنا في سبع بقرات سمان يأكلهنّ سبعٌ عجاف و سبع سنبلات خضر و أُخرَ يابسات”.
و جاءت فرصة التمكين, ثم لحظة التمكين, و إذ بيوسف “عزيز مصر”.
و جاء إخوة يوسف إلى مصر طلباً للمؤونة, فعرفهم و هم له منكرون, ثم عادوا بخفي حُنين يطلبون بنيامين, فتضاعف الحزن على يعقوب و ابيضّت عيناه, و كذلك كِدنا ليوسف و قال يعقوب “فصبرٌ جميل,عسى الله أن يأتيني بهم جميعا”, و كان له ما أراد, “اذهبوا بقميصي هذا”, فيقول الشيخ الضرير “إنّي لأجد ريح يوسف”, و جاؤا من البدو “يا أبتِ هذا تأويلُ رؤيايَ من قَبل”.
رأى إخوة يوسف أن مصلحتهم تقتضي تغييب يوسف ليخلو لهم وجه أبيهم, فقاموا بتنفيذ مؤامرتهم الإجرامية يظنون أنها تحقق مصلحتهم, و لم يدرْ في خلدهم أن هذه المؤامرة هي الخطوة الأولى في التمكين ليوسف.
و في العصر الحديث, يستمر التآمر من الفسقة الظالمين على فلسطين, و بالمقابل يأتي من الله التمكين لعباده المؤمنين وإن بعد حين, فالصبر الصبر.