ينال البرماوي
المبادرة في تشخيص المشكلات الاقتصادية ومنها ارتفاع الأسعار في الوقت المناسب واتخاذ ما يلزم من اجراءات لمواجهتها والعمل على معالجتها هو الأساس لتجنبب الاقتصاد والمواطن مزيد من الأعباء مع التأكيد على أهمية العمل المؤسسي والتشاركية مع الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص وكذلك الاعتراف بوجود المشكلة ومكاشفة المواطنين بالحقائق كما هي والابتعاد عن اخفائها .
وبشأن الأسعار مثلا قد لا يهتم المواطن بالتبريرات الحكومية لأسباب الغلاء والتفسيرات التي تعود بنتائج سلبية أحيانا لكن ما يسعى اليه الشارع هو « ماذا فعلت الحكومة لمعالجة ذلك ؟» وهذا سؤال مشروع وفي مكانه ويتطلب خطوات حكومية مباشرة لتخفيف الأعباء المالية.
وفي هذا السياق من الطبيعي أن يتأثر الأردن بالمتغيرات التي تطرأ بالأسواق العالمية وارتفاع الأسعار كونه يستورد ما نسبته 85% من احتياجاته الغذائية من الأسواق العالمية التي بدأت تشهد موجات غلاء متلاحقة منذ جائحة كورونا وتداعياتها والارتدات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية وغيرها من العوامل المرتبطة بأنتاج الأغذية والمتغيرات المناخية وغيرها .
من خلال تتبع الاجراءات الحكومية منذ جائحة كورونا وحتى الان للحد من ارتفاعات الأسعار عالميا على السوق المحلي نجد أهمية التنبه مبكرا لما قد يحدث من انعكاسات على الأمن الغذائي وخاصة من ناحيتي كفايته لأطول فترة ممكنة وضمان استقرار الأسعار وتفادي ارتفاعها بنسبة كبيرة لارتباط غالبية السلع بالأسواق العالمية والمناشيء التي تستورد منها .
ومثل تلك الاجراءات تساعد على اعادة بناء الثقة بين المواطن والحكومة التي تعرضت لهزات متوالية في السنوات الأخيرة والرواية الحكومية هي مدار تشكيك لدى الشارع وليس لديه استعداد لتصديقها في غالب الأحيان.
ويبدو أن النهج الحكومي في التعاطي مع تلك الأزمة قد ابتعد هذه المرة عن العمل بالفزعة أو استجابة لضغوط الشارع وبالتالي ساهت تلك الاجراءات بالحد من تأثر السوق المحلي وقوت المواطنين بذات درجة الارتفاع في البلدان الأخرى حيث تظهر دراسات مقارنة الأسعار أن الأسعار في الأردن بالنسبة للسلع الغذائية أقل بكثير من الدول الأخرى .
وقد اتسمت التحرك الحكومي باتخاذ اجراءات استباقية تمثلت في تحديد سقوف لأجور الشحن لغايات احتساب الرسوم الجمركية وتخفيض التعرفة الجمركية واعادة هيكلتها وتخفيض رسوم الفحوصات للسلع في العقبة بنسبة 30% وزيادة فترات التخزين في الميناء وتسريع اجراءات التخليص على المواد الغذائية .
وفي هذا الاطار تم أيضا تخفيض تعرفة الكهرباء على القطاعات الاقتصادية الانتاجية كالصناعية منها وتوفير حزمة تسهيلات ائتمانية بأسعارفائدة منخفضة ألغت الحكومة ضريبة المبيعات على الزيوت النباتية وتعزيز كوادر الرقابة على الأسواق والتشدد بتطبيق القانون على المخالفين وما الى ذلك .