علاء القرالة
مع استمرار تصاعد أسعار النفط عالمياً وسط المخاوف العالمية من قرار «أوبك» والقاضي بتخفيض الإنتاج، فإن أسعار مشتقات المحروقات محليا ستواجه بحزمة ارتفاعات قد تطال كافة الأصناف بنزين وسولار وكاز وغيرها من المشتقات خلال الشهور المقبلة، فماذا علينا أن نفعل؟
أسعار النفط بدأت تشهد قفزات ملموسة وبنسب وصلت الى ما يقارب 12% حتى يوم أمس مقارنة مع أسعارها نهاية الشهر الماضي، وسط توقعات أن يصل سعر البرميل الواحد إلى ما يقارب 110 دولارات مع نهاية الشهر الحالي وبفارق 30 دولارا عن سعر البرميل الذي تم تسجيله نهاية الشهر الماضي والذي بلغ 85 دولارا للبرميل، ما يعني أن اسعار المشتقات النفطية محليا سترتفع للشهر المقبل بنسب قد تتراوح من 4-5% على اقل تقدير ما لم ترتفع أكثر، حيث أن المعادلة العالمية تشير إلى أن ارتفاع النفط أكثر من 10% يعني ارتفاع مشتقات النفط اكثر من 3%.
كافة المؤشرات والتوقعات تؤكد استمرار ارتفاع أسعار النفط ليس فقط لقرار أوبك بخفض الانتاج وخاصة انه سيؤدي إلى خفض ما يزيد قليلا عن مليون برميل يوميا أي 1٪ من العرض العالمي، بل ايضا نتيجة لاستمرار الحرب الروسية الأوكرانية والتي أثرت على استقرار سوق الطاقة بشكل كامل، الأمر الذي جعل من السيطرة على أسعارها أمرا شبه مستحيل ما لم يعد الاستقرار وانتهاء الحرب وحالة النزاعات، وهذا لا ينعكس فقط على الطاقة بل على أسعار الغذاء والتي مرة تشهد ارتفاعا ومرة انخفاضا مع تخوف مع ايقاف سلاسل التوريد لبعضها وارتفاع الطلب عليها مع تراجع الإنتاج نتيجة كثيرة من التحديات وأبرزها الجفاف والمتغيرات المناخية.
أسعار النفط وفي حال استمرار ارتفاعها بهذا الرتم ستكون معضلة أمام خططنا وطموحاتنا ونسب النمو المتوقعة لاقتصادنا وستحمل الموازنة مزيدا من الديون والاعباء نتيجة ارتفاع الفاتورة النفطية للمملكة والتي شهدت ارتفاعات منذ بداية العام وبنسب كبيرة نتيجة فرق أسعارها مقارنة بأسعار ما قبل الحرب والتي لم تكن تتجاوز فترتها أكثر من 80 دولاراً، ما يتطلب منا وضع خطط وسيناريوهات لمواجهة هذا التحدي بالمشاركة مع الجميع فالحكومات ليست الوحيدة المعنية بهذا الامر بل المواطنون ايضا.
لعل أبرز ما نستطيع اليوم فعله لمواجهة هذا التحدي أن نذهب فورا الى ترشيد الاستهلاك من المشتقات النفطية وبدء التنفيذ الحقيقي في التوجه الى الطاقة البديلة والمتجددة في كل شيء والتشجيع على تملك المركبات الكهربائية من خلال اتخاذ المزيد من القرارات المحفزة لامتلاكها واستبدالها بدلا عن المركبات التي تعمل على البنزين، وتطوير منظومة النقل العام والتشجيع على ارتيادها من قبل العامة وغيرها من الاجراءات وابرزها استمرار دعم وسائل النقل سواء للركاب والبضائع لتخفيف تأثير الارتفاعات العالمية على القطاعات الاقتصادية.
ختاما، أسعار المحروقات محليا سترتفع بحسب كافة المؤشرات والتوقعات للشهر المقبل ولن تشهد اي انخفاضات جديدة الا في حالة واحدة، وهي عودة الاستقرار على اسعار النفط عالميا اما برفع انتاج الدول المنتجة او انتهاء الحرب الروسية–الاوكرانية وهذا شبه مستحيل حاليا، وما علينا سوى الاستعداد إلى اسوأ السيناريوهات من خلال الكثير من الاجراءات والتي أولها وليس آخرها ضبط «الاستهلاك وترشيده».