د. عبير الرحباني
لعل مطالبة المرأة التي تقتصر فقط على حقوقها ومطالبها في مجتمعنا باتت ظاهرة مزعجة وسلبية لا فائدة منها في مجتمع يبحث عن التطور والنمو والازدهار على جميع الصعد، خاصة في مرحلة ما بعد الجائحة التي اصابت العالم والبشرية، بحيث تعمل تلك اظاهرة على إيجاد معيقات وحواجز كبيرة بين المرأة والرجل في مجتمعنا، ولا بد من الاهتمام بهذه الظاهرة لتحويلها الى ظاهرة ايجابية مشتركة ما بين الرجل والمرأة معاً.
ويشهد مجتمعنا مشاركة المرأة في مؤتمرات وندوات ومحاضرات كثيرة لا تتضمن سوى حقوق المرأة والمشاريع الصغيرة للمرأة وتمكين المرأة .. لكننا لم نشهد مؤتمرات وندوات للمرأة تكون فيها كعضو فعال تمتلك من خلال تلك المؤتمرات أوراق نقاشية تناقش من خلالها الوضع الاقتصادي او الجوانب الاقتصادية او حتى الزراعية او غيرها، وبالتالي عند دعوتها لاي مؤتمر يتعلق بالجوانب الاقتصادية نجدها وبكل اسف كمستمعة وليست كعضو فعال تمتلك ورقة نقاشية لتناقش بها الوضع القائم في مجتمعنا بكل جوانبه.. والسبب هو ان 95٪ من سيدات الأردن غير ملمات بالجوانب الاقتصادية ولا يمتلكن الثقافة الكافية في الجوانب الاقتصادية.
فلو تعرضت اي امرأة من المشاركات في اي مؤتمر لتشرح ما مفهوم الاقتصاد الرقمي! فلا اعتقد ان لديها الاجابة الكافية والسبب هو فقر وضعف ثقافتها بهذا الجانب.. ولم تم مسألتها عن مدى علاقة التحول الرقمي والثورة الرقمية بالاقتصاد!!.. فلا اعتقد انها تعرف الإجابة الكافية.. لذلك اسمحوا لي أن أقول لكم بأن المرأة الاردنية مقصرة بحق نفسها في هذه الجوانب.. حيث لا نجد امرأة تناقش الجانب الاقتصادي بعمق ولا حتى تستطيع مناقشة الجانب المتعلق بالثورة الرقمية ايجابياتها وسلبياتها بكل ثقة وعمق لأنها تفتقر للثقافة في هذه الجوانب.. ولا أعمم لكن نادراً ما نجد تلك المرأة .. والسبب انها ما تزال متمسكة في إطار المؤتمرات التي تطالب بحقوقها فقط.. ولا تريد ان تخرج من إطار المشاريع الصغيرة الي إطار التوسع في المشاريع الكبيرة التي يمكن أن تخدم الوطن ككل.. ونجدها تناقش خلال المؤتمرات بموضوع تمكني المرأة .. واتساءل ! هل المرأة بحاجة الى مؤتمرات لتمكين نفسها !! اليست قادرة ان تقوم بتمكين نفسها بنفسها !! وهل التمكين بحاجة دائمة للمؤتمرات والتجمعات اأم انه بحاجة ان تقوم المرأة بتمكين نفسها من الداخل اولاً ومن داخل أعماقها أولاً !! لذلك أرى ان موقفها سيبقى دائماً ضعيفأ في جوانب كثيرة لأنها لا تحصر نفسها الا ضمن دائرة نفسها فقط على الرغم من وجود الثورة الرقمية التي نشهدها اليوم.. وما زالت تحصر نفسها في المشاريع الصغيرة والحديث عن حقوقها فقط وفي اطار الاعتقاد السائد بان الرجل ظلم المرأة ..
فالرجل ليس القاسم المشترك الأكبر لتعذيب المرأة كما تعتقد معظم النساء الأردنيات.. بالعكس فإن الرجل هو القاسم الأكبر المشترك في دعم المرأة لاستمرار حياتهما معاً .. ونحن في الأردن لسنا في اي دولة عربية أخرى لتعتقد المرأة الاردنية بأن الرجل هو القاسم الأكبر لتعذيب المرأة.. فليس وحده الذي ظلمها.. فالفقر والبطالة والحالة الاقتصادية والازمة المالية العالمية والاستعمار وغير ذلك الكثير جميعهم ظلموا المرأة والرجل على حد سواء..
وأعتقد أن المرأة هي من ظلمت نفسها ضا بتكرارها المستمر والمطالبة بحقوقها فقط.. فالمجتمع هو الرجل والمرأة ومن الضروري ان يكون هناك اختلافاً بينهما لانه أجمل ما في المرأة هو إختلافها عن الرجل .. ولا يجوز المساواة الكاملة بينهما بكل شيء .. حتى ان الله أعطى وقسم الواجبات المختلفة بين آدم وحواء منذ بدء الخليقة .. ومن الضروري ان تكون نظرة المرأة للرجل نظرة تكاملية لا نظرة تماثلية .. اندريا غاندي التي كانت تتولى رئيسة وزارء الهند رغم منادتها بحرية المرأة الا انها بقيت ترتدي الساري الهندي والزي الهندي الاصلي ولم تتخل عنه ..
وعلى الرغم اننا لا نقلل من أهمية المؤتمرات والندوات.. لكن!
أيتها المرأة حاولي اولاً ان تبحثيعن تمكين الذات بداخلك قبل ان تبحثي عن التمكين داخل المؤتمرات والندوات.. حاولي ان تجدي لنفسك مكاناً هاماً داخل اسرتك بالتقرب من ابنائك وزوجك والاهتمام بهم قبل ان تحاولي ان تجدي لنفسك مكاناً في القمة ففي القمة إزدحام كثير.. حاولي ان تمنحي اسرتك وعائلتك وابنائك الوقت الكافي والحق الكافي قبل ان تضيعي وقتك في مؤتمرات وندوات واحاديث لا فائدة منها
واتمنى ان اجد المرأة الاردنية مهتمة بالمشاركة والحديث في الجانب الاقتصادي وبالثورة الرقيمة وبالجرائم الالكترونية وبالجوانب التي تفيد مجتمعها
فالمرأة وحدها هي التي تقرر اين تتجه وماذا تختار .. لذلك استغرب لماذا لم اسمع ولم اشاهد المرأة الغربية في المجتمعات المتقدمة تطالب بحقوقها وبالمساواة .. فهل المرأة الغربية مدللة مثلاً اكثر من المرأة العربية !! وهل المرأة الغربية لا تبذل جهداً في الحصول على تأمين دخل لها ! والمراة العربية تتعب وتبذل جهداً اكثر منها ا !!
انظروا الى رئيسة الوزراء الالمانية .. هل انتظرت مجتمعها كي يوصلها الى تلك المناصب ام ان قوة شخصيتها وثقافتها الواسعة وخبرتها الطويلة هي من أوصلتها !!.. انظروا الى نساء العالم فهناك من اختارت طريق السياسة والثفافة وهناك من اختارت طريق الاباحية .. فالمرأة كالريشة في مهب الريح تتقاذفها الامواج لترمي بها تارة بين الملائكة وتارة بين الشياطين ولها وحدها ان تختار مصيرها
وهناك مقولة وهي (وراء كل رجل عظيم امرأة).. اما أنا فأقول وراء كل امرأة عظيمة ايضاً رجل يستحق التقدير والاحترام.