بلال أبو الهدى
كثيراً من الناس يتساءلون: لماذا لم ينتقم الله من الظالمين سريعاً ويأخذهم أخذ عزيزٍ مقتدر؟!. نقول لهم ألم يطلب الله من عباده أجمعين أن يتدبروا القرآن جيدا؟!، (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (النساء: 82)). ألم يقل الله (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (النحل: 61))، ألم يقل الله أيضا (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ۖ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ ۚ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا (الكهف: 58)). وأزيد القراء من الآيات آية أخرى (وَلَوۡ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهۡرِهَا مِن دَآبَّةٖ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۖ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِۦ بَصِيرَۢا (فاطر: 45)). فالله هو الرحمن الرحيم الصبور، يصبر على عباده كثيرا لعلهم يرجعون عن ظلمهم. ويعطي الظالمين أكثر من فرصة للرجوع عن ظلمهم والتوبة ومنها ما يلي:
فرصة الإمهال والإملاء (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِين (وَأُمْلِى لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ (الأعراف: 183)). الفرصة الثانية: الاستدراج (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (الأعراف: 182)). والفرصة الثالثة: تزيين الأعمال (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (النمل: 24)). وبعد كل هذه الفرص إذا لم يعد الظالمون عن ظلمهم يأخذهم الله اخذ عزيز مقتدر (حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (الأنعام: 44)). حتى يعلم جميع عباد الله بأنه غير ظلام لهم (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (فصلت: 46)). وبعد كل هذا يخاطب الله الناس أجمع ويقول لهم أليس لكم عقول تفكرون بها وتدبرون هذه الآية من واقع حياة الناس أجمع وترجعون إلى تعليمات الله رب العالمين (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (الروم: 41)).