اسعد العزوني
يكتنف الغموض بعض الشيء ما يحلو للبعض أن يطلقوا عليهم المعارضة الأردنية في الخارج والذين يتخندقون في فنادق 5 نجوم في الغرب المتصهين ،ويخرجون علينا بإستمرار بفيديوهات ويوتيوبات من قاع الديست،تتضمن أدق تفاصيل ما يجري في أماكن صنع القرار في الأردن وكانهم مشاركون في الحدث ،وقلنا في مقال سابق أن هؤلاء إما أنهم مرتبطون بجهات داخلية تريد تصفية حسابات مع جهات بعينها،أو أنهم مرتبطون بأجهزة مخابرات عالمية عدوة ،تزودهم بتقارير عما يحدث عندنا في الداخل،وفي كلتا الحالتين فإن هؤلاء مدانون،لأن من يريد ان يكون معارضا مبدئيا فليبق في بلده ويدفع ثمن موقفه،لا أن يسجل نفسه مرتزقا لدى دوائر الغرب الصهيوني التجسسية،ويوهم البسطاء في الأردن أن قلبه على البلد.
من هؤلاء “النشامى”بعض الصحفيين الذين عملوا في صحف أسبوعية صفراء،وكانوا شبه نكرات،وكنا نعرفهم كيف يعيشون وخلف من يركضون وفي حضن من يرتمون،ولكنهم بين عشية وضحاها أصبحوا أعلاما يطلون علينا من الغرب، ويتحفوننا بتفاصيل دقيقة عما يجري في سراديب صنع القرار في الأردن ،وباتوا أسماء لامعة في الخيال الأردني ،وأنهم أبناء البلد الذين يتباكون على الوطن ويخافون على مقدراته.
بالأمس وصلني فيديو من صديق لمعارض أردني من إياهم لي معه قصة شخصية ،ونصحني الصديق أن أشاهد الفيديو كاملا لأن المعارض الجهبذ يتحدث في الربع الأخير فيه ،عن مصير تعويضات متضرري حرب الخليج التي وصلت للأردن من الكويت عام 2008،وأنا منهم بطبيعة الحال ،لكن عملية الصرف لم تتم لأسباب مجهولة رغم أن جلالة سيدنا أمر بالصرف.
إضطررت لسماع ذلك المعارض وهو يروي قصصا ربما فاقت في خيالها قصص ألف ليلة وليلة،وكيف شدد على أنه كان محرك الدولة الأردنية ،وفي عهد من ؟في عهد الراحل الحسين الذي كان هو الذي يحرك العالم برمشة من عينه،كما أقسم ذلك المعارض أنه كان ناصحا لرؤساء الوزراء الأردنيين ،وأنه أسهم مرارا في تشكيل الحكومات الأردنية،لكن ما حيرني هو قسمه أنه لم يتصور مع أي مسؤول أردني.
أثناء إستماعي له مكرها شعرت ان منسوب الضغط والسكري عندي قد لامس حافة السماء السابعة ،أما حالة القرف فحدث ولا حرج،لأن رواياته ومنها أنه كان وسيطا بين الأردن والفلسطينيين وأنه أجرى مباحثات سرية مع مسؤولين فلسطينيين في رام وأقنعهم بضرورة وقف التصريحات المعادية للأردن ،وإنهم إستجابوا لرغباته كونه كما أخبرهم جاء ممثلا للأردن، لكنهم قاموا هم أنفسهم بفضح الطابق والإعلان عنها،وهناك قصص كثيرة لا أرغب بإعادتها لألف سبب وسبب.
إلتقيت بهذا المعارض بمحض الصدفة أواخر العام 1992 في مكتب د.رياض الحروب في جريدة شيحان المشهورة آنذاك على دوار المدينة،وكنت أبحث عن فرصة عمل ،وأثناء حديثنا دخل أحدهم علينا بطريقة غير مؤدبة وجلس متطفلا ،يستمع للنقاش الدائر بيني وبين د.الحروب،وعرفت فيما بعد أنه صديق للدكتور الحروب وأنه صحفي.
أبلغني د.الحروب أن مواصفاتي مطلوبة عند هذا الرجل ،وعندما سألته عن هويته قال لي أنه صاحب جريدة”……”الأسبوعية ويبحث عن مدير تحرير،وعندها دخل الرجل على الخط وبدأنا نتحدث ،وطلب مني إعداد ثلاثة تقارير صحفية محلية وإقليمية وعالمية ،ثم غادرت إلى وسط البلد وإشتريت عدة مجلات ،وعدت إلى بيتي وقمت بإعداد التقارير الثلاثة وسلمتها له في اليوم التالي حسب الإتفاق،وطلب مني العودة غدا حتى يتسنى له قراءتها على رواق.
رجعت في اليوم الثالث ويا ليتني ما عدت ،إذ قال لي أنه لا يرغب بمثل تلك التقارير الجادة مع أنه هو الذي طلبها،وعندما سألته عن طلباته قال أنه يريدني أن أحضر له تقارير تتضمن أخبار زوجات وبنات وأخوات المسؤولين ،أين يذهبن ومع من وأرقام السيارات التي يركبن بها،وإن إستطعت أسماء الأشخاص الذين يرافقونهن،وعندها رمقته بنظرة حادة وكادت التفلة ان تتدفق على وجهه من فمي وقلت له :أنا صحفي ولست قوادا!!!وغادرت.