م.محمود عبيد
في خضم الأعتصامات و الأضرابات التي يقوم بها معلمي المدارس الحكومية, يجب علينا كوطن و حكومة و شعب ان نقف وقفة محاسبة مع انفسنا لنرى ماذا قدمنا لآهم فئة في هذا المجتمع الا و هي فئة المعلمين فليس هناك احد على وجه هذا الكوكب الا تتلمذ على يد استاذ او معلم, لولا المعلم لما كان هناك الحاكم و الوزير و الطبيب و المهندس و الطيار و التاجر و رجل الأعمال و لما كان هناك تطور على وجه الأرض . فالمعلم هو نواة اي تطور على الأرض و هو أساس اي مجتمع.
في جميع انحاء العالم المتحضر يعيش المعلم حياة كريمة, و يتقاضى راتبا” يكفل له حياة جيدة و رغد العيش تغنيه عن اي عمل اضافي و تقديم الأفضل لطلبته الذين سوف يكونوا عماد المجتمع في المستقبل الا في وطننا فالمعلم حتى يحصل على قوت يومه و يضمن لعائلته حياة تغنيهم عن السؤال عليه ان يعمل سائق تاكسي بعد الدوام او يقوم باعطاء دروس خصوصية و اعرف البعض منهم يقوم بالدهان و القصارة و يقوم باعمال عمال البناء هل الى هذا الحد وصل بنا الأستهتار بكرامة معلمينا و مستقبل ابنائنا في وقت يتسابق به الغربيين من اجل ان يتخرج ابنائهم من المدارس الحكومية لكفاءة معلميها و اساتذتها بينما في وطننا يتسابق المسؤولين و الحكام لالحاق أبناءهم بمدارس الطبقة المخملية لعدم ثقتهم بالمدارس التي يقومون على ادارتها كمباني و مناهج و مدرسين من خلال مسؤوليتهم كحكام و وزراء و إداريين فهم لا يرضون لأبنائهم ما يرضوه لشعبهم و أبناءهم و طلابهم؛ في وطننا هناك تدمير ممنهج لمهنة التعليم لصالح تجار الرقيق الأبيض من المتنفذين من اصحاب المدارس ذات الأسماء الرنانة و الخاصة بالطبقة المخمليةمن اللصوص و الفاسدين و الخاءنين لاوطانهم و شعوبهم و القائمين على تجارة تدمير العلم تحت مسمى تطوير التعليم و المعلمين فقبل ان تقوموا بتطوير التعليم والمعلمين اكاديميا” و ان كنتم جادون بالتطوير قوموا على تطوير التربية و القيم و المباديء و الأخلاق و تطوير المعلمين و تسويق انفسكم من خلال دعمهم اجتماعيا” و ماديا” و استثمار المساعدات و المنح التي استحوذتم عليها من اجل بناء جيل صالح تربويا” قبل تعليميا”. و لكن للأسف اصبح المعلم لا يعنيكم بشيء في هذا الوطن ففي وقت يقف المعلم يطالب ببعض من حقوقه تجد اطياف الوطن من المسؤولين بكافة مناصبهم و مستوياتهم يقفون اصماء لا يعنيهم الأمر متناسين أنهم الرقم الصعب في بناء هذا الوطن و استدامته, فما يطالبون به يتعارض مع مصالح هؤلاء المسؤولين و توجهاتهم اتجاه المعلمين الذين يعملون تحت كنف مؤسساتهم التدميرية, التعليم في وطني اصبح تجارة المتنفذين و اصبح تطوير التعليم من اختصاص من يعمل على تدمير هذا الوطن تربويا” و تعليميا” و اخلاقيا” ارضاءا” لحساباتهم في البنوك و ليتجاوزوا اختصاصات و مسؤوليات وزارة التربية و التعليم صاحبة السلطة. سبق و اشرت سابقا” الى ان التعليم كان في اوج عطائه حتى منتصف ثمانينات القرن الماضي عندما كان التعليم و المعلم مقدسين و مقتصرا” على مدارس وزارة التربية و التعليم التي خرجت قيادات هذا الوطن و الذين قاموا على بناءه بجد و امانة و إخلاص اضافة الى المدارس التابعة للجمعيات و الأرساليات الدينية التي نعتز و نفخر بعطائها على مدى ثمانية عقود و اخلاصهم في تنشئة و تربية جيل صالح كان نواة بناء في أي موقع شغله فلقد كان و ما زال هدف هذه المدارس تربوي؛ اخلاقي؛ تعليمي و تنشئة جيل قائم على المباديء و القيم و الأخلاق و لم يكن في يوم هدف اي مؤسسة تعليمية من هذه المؤسسات تجاري فلقد كان العطاء شعارهم و الاخلاص هدفهم و انشاء جيل قادر على البناء رؤيتهم. فهذه المؤسسات ترفع لها القبعات و تنحني لها الهامات تقديرا” و احتراما” لما قدمته و ما تقدمه بعكس الكثير من المدارس الربحية التجارية التي هوت بنا الى مستنقع الفساد و الجهل خلال العقدين الماضيين و التي تستحق ان تسحق بالاقدام لأن ليس هناك حسيب او رقيب فبعض المدارس خطوط حمراء لا يستطيع لأحد الأقتراب او اللمس او حتى الأتيان على ذكرها. لقد اسست في تسعينات القرن الماضي مدرسة سميت مدرسة اليوبيل تعنى بالمتفوقين من طلاب المدارس الحكومية و كانت هذه المدرسة مجانية في مجملها او قسط متواضع و ذلك من اجل العمل على تبني الطلبة المتفوقين علميا” و قياديا” و ذلك من اجل انشاء جيل قيادي لهذا الوطن معطاء دون النظر الى خلفيته الأجتماعية او المادية و هذه كانت نظرة الحسين بن طلال طيب الله ثراه. كان ما يهم هو تفوقه العلمي و الأكاديمي. للأسف بدل ان يقوم الوطن على زيادة عدد هذه المدارس اصبح يتبنى المدارس التي تعود بالأرباح و الدخل ليزيده الى رصيده في بنوك الخارج. و لم يكتفي الوطن بذلك فعوضا” عن تطوير مناهج التعليم التي كنا نفاخر بها اكبر المؤسسات التعليمية في العالم و بوجود المدارس التجارية اصبحت مدارسنا تتبنى المناهج الدولية لتعود عوائد امتحاناتها و كتبها الى دول و حكومات اخرى تساعد على استنزاف موارد وطننا الشحيحة التي تعاني من الترهل لصالح من تبني هذه المناهج و فرضها على وطننا من خلال المتنفذين من تجار الرقيق الأبيض من المستفيد ماديا” من هذا التراجع و تبني مناهج غير اردنية و عدم تطوير مناهجنا لتتماشى من التطور الأكاديمي في العالم دون الحاجة لأعتماد انظمة تعليمية لا تمت لنا بصلة علامات استفهام كثيرة تحتاج الى شفافية و اجابة جريئة فالمشكلة لم تعد اعتصام او اضراب معلمين هم محور القضية. فالقضية اكبر من ذلك بكثير, القضية تدمير جيل و شعب و وطن بطريقة ممنهجة لصالح زيادة ثروات البعض و التعامل مع الوطن كزريبة غنم يملكها المتنفذون و يتاجرون بالشعب كيفما شاؤوا و يسلبوهم عقولهم بالشعارات الزائفة و هم في الواقع غير مهتمين بهم و بوجعهم كل ما يهمهم زيادة ارصدتهم في البنوك و تطوير مؤسساتهم التعليمية التي تدر عليهم ارباح المتاجرة بقيم و مباديء و اخلاق شعوبنا.
سؤال اود اطرحة على الوطن و الحكومة في 01/04/1956 نشر في الجريدة الرسمية نظام اطلق عليه في حينه (نظام ضريبة المعارف لسنة 1956) و هذه الضريبة هي 3% من قيمة الأيجار عن اي عقار مؤجر داخل حدود المملكة الأردنية الهاشمي و تستوفى هذه الضريبة لصالح انشاء ابنية للمدارس او استئجارها او صيانتها او تأثيثها او تادية رواتب المعلمين والمعلمات والاذنة على ان يجري ذلك بمعرفة لجان تسمى (لجان ضريبة المعارف) وقوامها في المناطق البلدية وكيل وزارة المعارف او من ينيبه المحافظ او المتصرف او من ينيبه وثلاثة من اعضاء لجنة المعارف الحلية ويراس اللجنة الموظف الاعلى درجة وقوامها في القرى الحاكم الاداري ومفتش المعارف في اللواء او من ينيبه وثلاثة من اعضاء لجنة المعارف المحلية ويراس اللجنة الموظف الاعلى درجة. هل لحكومتنا الرشيدة ان تقوم بكل شفافية عرض كشف بالضرائب المتحصلة عن هذا القانون و بنود صرفها فهذه الضريبة من المفترض ليس لها علاقة بميزانية المملكة الأردنية الهاشمية فهي تحصل لصالح وزارة التربية و التعليم و هي ما كانت تسمى بالمعارف. هل لحكومتنا الرشيدة ان يضعوا بين ايدي الشعب المساعدات و الهبات المتاتية من صندوق المعونة الأمريكية و السوق الأوروبية المشتركة لدعم التعليم و المدارس خلال العقد الماضي و كيف تم انفاقها. اعتقد ان الشعب لم يعد بحاجة الى مجلس نواب فكل مواطن له الحق بمسائلة الحكومة و بخاصة ان مجلس نوابنا قلق على تقاعدهم و ضمانهم بعد ان يتم تنظيف المجلس من قذارتهم و فسادهم.
لمدارسنا حق لدى الدولة فمن حق الطالب الأردني ان يدرس في بيئة نظيفة , تحفظ له انسانيته و كرامته مدارس تنافس في تجهيزاتها و بالقائمين عليها المدارس الخاصة بالمتنفذين فالمدارس التجارية خلفها اشخاص و المدارس الحكومية خلفها دولة الا اذا كانت مدارس المتنفذين تدار باموال الدولة فهنا الطامة الكبرى و من يدري لربما معلمي مدارس المتنفذين الذين رواتبهم بالألاف لربما على جدول رواتب وزارة التربية و التعليم كمستشارين. من حق معلمنا ان يحيا حياة كريمة هو و عائلته و ان يتم تامين سكن كريم له يليق به و بانسانيته و عطائه و من حقه ان يحصل على الأمتيازات التي تمنح لافراد قواتنا المسلحة فهم الجنود الحقيقيون الذين يقومون بتخريج المؤمنون بوطنهم و بترابه و بعزته و كرامته.
لكم منا كل التقدير و المحبة و الأعتزاز يا معلمين هذا الوطن العزيز بكافة اطيافكم. رضي من رضي و ابى من ابى سوف نرفع لكم القبعات ما حيينا و نحني لكم القامات و نقف خلفكم من اجل ان تكونوا معززين مكرمين على تراب هذا الوطن لتقوموا بتخريج اجيال مؤمنون بالحق و القيم و المباديء يدافعون عن وطنهم و ارضهم بعزة و كرامة يقفون في وجه كل فاسد و خائن لوطنه و شعبه . لن نتاجر بحقوقكم و لن نقوم بخداعكم بالشعارات الرنانة و نحن قابعين في مكاتبنا و على شرفات قصورنا. اننا خلفكم و معكم و نحن مع تطوير مدارس الوطن و مصالح مدارس الوطن. سلمك الله يا وطني و حماك من كل فاسد و خائن لأرضه و وطنه و متاجر بتعليم و تربية و مستقبل ابنائه و يقود الوطن الى الدمار تحت الشعارات الزائفة و عبارات الكذب و النفاق.