د. راكز الزعارير
تتوالى الأحداث بتسارع كبير في شأن القضية الفلسطينية الأمر الذي فرض نفسه على الواقع ،ودفع بجلالة الملك عبدالله الى اعادة تأكيداته المتكرره على الثوابت الأساسية للموقف الاردني المعتدل ورؤاه لحل قضية الشعب الفلسطيني على أساس حل الدولتين وحق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة على ترابه الوطني المحتل عام 67 وعاصمتها القدس الشرقية.
هذه الثوابت الاردنية التي اكد عليها الملك دائما تحظى بإجماع اردني فلسطيني ،عربي ،إسلامي ودولي بالإضافة الى معسكر السلام في اسرائيل نفسها.
الاعتدال الاردني المتمثل بدعم وإقامة سلام مستدام بين الفلسطينيين والاسرائيليين يحظى باحترام العالم اجمع ،ويدافع عنه الملك بكل قوة دائما في كل المناسبات ،وجاءت تصريحاته لمجلة ديرشبيغل الألمانية الاخيرة باحتمالية الصدام مع سياسات الحكومة الاسرائيلية في نفس السياق الاستراتيجي الاردني، وحرصا من الملك على المصالح الوطنية الاردنية وحقوق الشعب الفلسطيني ،و داعما لمعسكر السلام في اسرائيل الذي يتوافق موقفه مع الموقف الاردني وحقوق الشعب الفلسطيني.
تصريحات الملك الواضحة والعالية الدقة جاءت موجهة الى أقوى حكومة وحدة في اسرائيل منذ اكثر من 20 عاما، وبعد انقسام حاد وغير حاسم أظهرته ثلاثة انتخابات في سنة واحدة في المجتمع الاسرائيلي تجاه قضية السلام ومستقبل الدولة الفلسطينية ومستقبل امن الدولة العبرية .
المرحلة الجديدة من التصعيد الاسرائيلي تأتي هذه المرة بظروف اكثر خطورة وتعقيدا وجدية من حيث قرار ضم اجزاء من الضفة الغربية وغور الاردن على الجانب الفلسطيني وشمال غرب البحر الميت لكيان الاحتلال ، وخطورة هذا القرار انه يقضي على مشروع الدولة الفلسطينية وجغرافيتها ويهدد وجود الشعب الفلسطيني على ارضه ويعزل المناطق الفلسطينية المتبقية عن اتصالها المباشر مع الاردن ،ويخلق تعقيدات كبيرة في التواصل بين المناطق الفلسطينية وهذا مرفوض على كل المستويات جملة وتفصيلا .
أهمية هذه القرارات البغيضة انها تأتي اول ثمار لحكومة الوحدة القوية في اسرائيل بقيادة نتنياهو ومشاركة حزب ابيض ازرق بقيادة بيني غانتس الذي كان يعول عليه بأن يكون اكثر واقعية من حيث الجدية بدفع عملية السلام مع الفلسطينيين الى الامام،
كما تأتي قرارات الضم ايضا كخطوة تطبيقية لصفقة القرن التي اعلنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
تصريحات الملك عبدالله جاءت بالوقت المناسب، ودقت ناقوس الخطر الذي وصلت اليه المنطقة بسبب السياسات والإجراءات الاسرائيلية من جانب واحد، والتي تواصل اغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني، كما انها جاءت لتؤكد ان الشعب الفلسطيني ليس وحيدا امام التوحش الاسرائيلي الذي يستهدف كل الحقوق الفلسطينية.
تصريحات الملك تحظى بتأييد مطلق من قبل المجتمع الاردني الذي يقف بكل قواه ومكوناته خلف الملك ،وكذلك بتأييد عارم من السلطة والمجتمع الفلسطيني في الداخل والخارج ،ويجب استثمارها و توظيفها من دوائر ومراكز صنع القرار في الحكومة والدبلوماسية الاردنية والمؤسسة العسكرية والأمنية لخلق مواقف ضاغطة على الحكومة الاسرائيلية من المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة وأوروبا ، ومن قبل دوائر التأثير في القرار الاسرائيلي ومعسكر السلام فيها ومنع الحكومة الاسرائيلية من تنفيذ قراراتها الكارثية على مستقبل السلام في المنطقة .
تصريحات الملك عبرت عن ضمير العالم الحر والشعوب المحبة للسلام والعيش المشترك والاخاء العالمي والجهود الدولية التي تحاول في هذا الوقت التوحد لمواجهة جائحة كورونا العدو الشرس للجنس البشري ،وبناء مستقبل إنساني أكثر أمنا وسلاما وتقدما للبشرية ، في الوقت تستغل الحكومة الاسرائيلية انشغال العالم بالجائحة وتواصل غطرستها في ضم و مصادرة اراضي وحقوق الشعب الفلسطيني.