د.حسن العنانزه
النصرة العربية ونخوة الحمية السعودية
بقلم د. حسن العنانزة
تناولت وسائل التواصل الاجتماعي والمحطات الفضائية الإجتماع الذي انعقد أساسا وبمبادرة من خادم الحرمين الشريفين نصرة للشعب الأردني أملا في اخراجه من المحنة الإقتصادية التي عاشها ويعيشها وعلى رأسها الإرتفاع المستمر في الأسعار وخاصة المحروقات والكهرباء علاوة على ما المحت وصرحت به حكومة الملقي من عزمها على تنفيذ قانون ضريبة الدخل الجائر الذي يطال جيوب المواطنين الشبه فارغة على ما يعانيه المواطن الأردني من معضلات اقتصادية واخرى اجتماعية .
لقد جائت مبادرة خادم الحرمين الشريفين حفضه الله ورعاه من منطلق الإخاء العربي وعدم السكوت على ما يجري على حدود المملكة الشمالية من توتر في الشارع الأردني جراء قانون ضريبة الدخل وحزمة من قوانين العمل والعمال قد ترمي بالآلاف من ابناء الأردن في الشارع فيما لو طبقت هذه القوانين بحذافيرها لا بروحها علما بأن الأغلبية الساحقة من ابناء الأردن تعيش كل يوم بيومه فلا غنى فاحش يحسدون عليه ولا فقر مدقع تترأف بسببه عليه الأمم حتا جاء قانون ضريبة الدخل الذي كان من المحتمل ان لم يكن من المؤكد أن يوصل الشريحة العضمى من ابناء الوطن الى دون مستوى الفقر المدقع .
والمهم في هذا المقام هو الدور الريادي الذي عهدناه في الأخوة العرب من حمية عربية اصيلة هبت لنجدة الشارع الأردني بتقديم حزمة من المساعدات المالية قدرت اعلاميا بأزيد من 2.5مليار دولار علما بأن الأرقام الحقيقية قد فاقت هذا المبلغ بمليارات الدولات اقلها الضمانات المزعم تقديمها لصندوق النقد الدولي بشأن المديونية الأردنية التي قاربت من ال 50 مليار دولار والتي لو تم استثمار هذه الأموال بالشكل المرجو لوجدنا المملكة الأردنية الآن في مصاف الدول المتقدمة او على الأقل في مصاف دول العالم الثاني لا دول العالم الثالث والرابع والخامس إن وجد.؛ كل ذلك بسبب سياسات نقدية مالية وأخرى اقتصادية لم تجلب للأردن سوى المزيد من تفاقم مديونيته الخارجية حتا بات عاجزا عن السداد أو على الأقل الإيفاء بإلتزاماته المالية السنوية تجاه مقرضيه .
إن المغرضين والمحرضين على دفيء وحمية العلاقة السعودية الأردنية الأصيلة النابعة من وحدة الدين والإمتداد الجغرافي والديمغرافي لم ولن ينالوا سوى سواد الوجه وسوء السيرة علاوة على قبح السريرة فمثلهم كمثل عامل الفحم لا يناله من عمله سوى سواد الوجه والكفين ؛ حيث كان ولا زال همهم الأوحد هو خلق حالة من التوتر الموهوم بغية افساد علاقة الإخوة ببعضهم وهذا ما شهدناه على العديد من المحطات الفضائية العربية منها والأجنبية المدفوعة الأجر .
من اراد ان يعلم ما حدث في مؤتمر مكة المكرمة فما عليه سوى النظر لتغريدة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفضه الله ورعاه عندما قال( نقدر عاليا الموقف المشرف للأشقاء في المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات، وعلى رأسها المبادرة الطيبة من أخي الملك سلمان بن عبدالعزيز تجاه وطننا في ظل التحديات التي تواجهه).
فهذا نص صريح في تمام الإخاء والتعاون بين الأشقاء ليأتي التقدير لجهود الملك سلمان من أخيه الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظم . ولا يفوتني أن اذكر ما قاله الملك عبد الله بن عبد العزيز في جنازة الملك حسين رحمهم الله جميعا عندما قال الأردن نفديها بالأرواح والمهج وقد صدق رحمه الله لما قدمته المملكة العربية السعودية وتقدمه الى اليوم من عون ومساعدات هي ليست الزاما حتميا بقدر ماهي تعبيرعن روح الأخوة والجوار بين البلدين .
إنه لمن المؤسف اتهام الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية خاصرة العروبة ومرتكز الإسلام السني وآخر حصن شامخ من حصون المسلمين السنة في وجه المد الصفوي بالإبتزاز السياسي للأردن وذلك لشرف تاريخ الدعم السعودي للأمة العربية وخاصة فيما يتعلق بقضية القدس قضية العرب والمسلمين الأولى لما قدمته وتقدمه المملكة العربية من مساعدات مادية وعينية للمقاومة الفلسطينية وكذلك ما كان يطلق عليه بدول الطوق العربي وعلى رأسها المملكة الأردنية ولا زالت المملكة العربية السعودية سائرة على نهجها المألوف المشرف في دعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية على ماتشهده المملكة نفسها من معضلات اقتصادية جراء حربها في اليمن والتي هي حرب نيابة عن العرب والمسلمين اجمعين مع العدو الصفوي بالوكالة من الحوثيين.
إن ما يدحض الفكر القائل بأن المملكة الأردنية تتعرض لإبتزاز سياسي هو انعدام ولو دليل واحد على صحة هذا القول بل على النقيض من ذلك فجل التصريحات الصادرة من الدبلوماسية السعودية خاصة والخليجية عامة انما ركزت على محورية القضية الفلسطينية من جهة ووحدة الشعب الأردني من جهة اخرى ويدل على ذلك ما خرج به السفير السعودي من تصريحات مطمئنة للشارع الأردني بشأن وضعه الإقتصادي وفي عز الإعتصامات التي عطلت سير الحياة الطبيعية في العاصمة عمان حيث لاقت هذه التصريحات من الأهمية والإحترام مالم تلاقيه تصريحات المسأولين الأردنيين أنفسهم بسبب سوء الحال الإقتصادي وحالة العجز المالي التي يعيشها الأردن بكافة اطيافه وفئاته مما يدلل على ثقة الشعب الأردني بمصداقية كلمة أشقائه السعوديين وتقديرهم لها علما بأن مثل هذه التصريحات إنما هي تصريحات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – لصدورها ممن يمثله في المملكة الأردنية الهاشمية –وذلك لأهميتها وعظيم الأثر الذي تركته في الشارع الأردني الغاضب والمنهك اقتصاديا .
لقد عانى الأردن ويعاني العديد من الأزمات الإقتصادية الا انه وفي كل الضروف رأيناه مثلا يحتذى في مواجهة الصعاب والأزمات مثلا في حفاضه على أمنه المجتمعي بتعزيز اللحمة الوطنية وتحت الراية الهاشمية علاوة على ما يتمتع به الشارع الأردني من وعي كان ولا زال مثلا يحتذى بالأدب والرقي في اجتماعاته وتجمعاته
إن حالة الهدوء المشهودة والتي عادت للشارع الأردني ما كانت ولا لتكون لولا دعم صانع القرار السياسي والإقتصادي في المملكة العربية السعودية خاصة ممثلا بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ودول الخليج العربي عامة .
إن الناضر لما تمخض عنه اجتماع مكة من قرارات لهي كفيلة بحل اغلب قضايا الأردن الاقتصادية فيما لو أحسن المسؤوليين الإقتصاديين الأردنيين استثمارها وخاصة البند المتعلق بضمانات البنك الدولي والمساهمة بمشاريع تنموية تعمل على توضيف واستثمار الألاف من الايدي العاملة فيما لو أحسن المسؤلين الأردنيين التصرف في هذه الأموال.
نعم إن المساعدات التي تمخض عنها اجتماع مكة لم تكن وفق طموحات الشارع الأردني ولكن مالا يدرك كله لا يترك جله فللمكلة العربية السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان كل الشكر وخالص العرفان على هبتهم هذه لكونهم متبرعين غير ملزمين بما قاموا به من جهود ومنح ومساعدات كان ولا زال اعضمها في نضر الشارع الأردني هو امتصاص غضبه والذي لا قدر الله لو تفاقم لوصلنا الى ما لا تحمد عقباه وبالتحديد أمن الوطن وسلامة المواطن. فلا تعتبوا على غيركم بقدر ما تعتبوا وتلوموا انفسكم فليس من الحكمة تحميل ما وصلنا اليه للأشقاء الذين لم نقدم لهم معروف الا والثمن مسبقا مدفوع ولا مددنا يد العون لهم الا وكافئونا بأكثر مما نستحق ونأمل. فإن ما وصلنا اليه إنما هو بسبب سكوتك المتنفذين الطامعين بخيرات البلد على حساب قوت الشعب وتغاضي من قل دينه واتسعت ذمته في التصرف في الأموال العامة من بعض المسؤولين دون أن يتركوا ورائهم طرفا من دليل يدينهم أمام ولي أمرنا جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم ليقف حفضه الله ورعاه حاله من حالنا يشد على ايدينا ويطلب منا الصبر والتروي حفاضا على وحدة تراب اردننا الغالي وسلامة مواطنه والذي هو المورد البشري الوحيد والأغلى الذي به نعتز ونحارب ونجابه من خلاله الأزمات .
.
وختاما فإنه لا يسعني سوى أن اتقدم بخالص الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على ما قدمه من جهود مشكورة في امتصاص هبة الشارع الأردني داعيا المولى عز وجل بأن
يا دار لا يدخلك حزن ولا يغدر بصاحبك الزمان
فنعم الدار انتي لكل ضيف اذا ما ضاق بالضيف المكان