حنين عبيدات
لم يعد للنقابات حضور في الآونة الأخيرة، ربما هناك مطبخ موجود في زاوية ما يطهى فيها حساء غير متجانس المكونات سيتذوقه النقابيون بملعقة من ذهب، فرحين بالتهريج و لا يعلمون أن مكونات هذا الحساء قد قُرِئَ عليها تمتمات غامضة تحوي تفاصيل لا تسر و لن تكون خيرا!!!
النقابات معقل الفكر السياسي المختلف، و خطاب الوطن الحر، و ولادة أصحاب الفكر الوطني و السياسي المنظم ، و صاحبة القدرة على التأثير، و التي يقع على عاتقها مسؤوليات و طنية و مهنية و سياسية، و قد ارتبطت نشأتها في الوطن العربي تزامنا مع الإستعمار الذي اجتاح البلاد، و قد قدمت مناضلين و شهداء كثر، و معتقلين سياسيين و أصحاب رأي، و كانت في مقدمة المطالبين بالتغيير و الإصلاح و التغيير في الشكل المجتمعي و حركات التحرر و الحركات الثقافية و السياسية، إلى جانب انتزاع الحقوق من السلطات لأجل منتسبيها و الوقوف إلى جانب المنتسبين بالأمور المهنية.
أما الآن و سط ضجيج العالم بأكمله و الصراع العربي الغربي، و صراع الشعوب و حكوماتها ، و تفتت الفكر العربي ، و تشتت مفهوم الوطن ، و تطبيق سياسات التجويع و التجهيل ، و ممارسات العنجهية و الإستغلالية ، و اللحاق وراء المصلحة الشخصية و ضياع البنية الإجتماعية و الثقافية، أين هي النقابات؟
النقابات الأردنية اليوم في سبات، غير مسموعة الصوت و لا حتى الهمسات، أما اللمسات فهي مدفونة لا مكان لها في فوضى الجائحة و القرارات ، وقد أوصلت حالها و أتباعها إلى حواف الهاوية دون نزاعات بل بهدوء و رضى عن الذات ، و هوت للحضيض السياسي، الوطني و المهني بصمت مزعج و هفوات.
أين النقابات و لما كل هذا البعد عن ساحات الأوطان و ميادين الشعوب و أماكن القرار ، و لما كل هذه الخسارات بحق المنتسبين ، و الإذلال بعد العنفوان الكبير، و لما كل هذا المسح الذاتي و هي بيوت الخبرة و الخبراء، و لماذا أصبحت مفرغة من الدور الوطني ، و لماذا سمحت للسطوة أن تكون عليها بسهولة و قد وضعت في مكان لم تكن لأجله؟؟؟