د.آمال جبور
من المهم عند الحديث عن أي مفهوم ان نتناوله في سياقاته المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيجبورها ، والأهم من ذلك أن نعرف التاريخ والبيئة التي ينشأ بها، ومفهوم “الهوية الجامعة” الذي يطرح أخيرا هو المقابل للهوية الفرعية، وله امتداد زمني مرتبط بالتحولات السياسية في المنطقة والتوظيف المتباين للتقاربات الراهنة لمخرجات اللجنة الملكية لتحديث السياسات.
عموماً “الهوية الجامعة” كمفهوم محايد ومجرد يتفق عليه الجميع في تكوين هوية جامعة لكل الهويات الفرعية ليس بالأردن فقط، بل في المنطقة العربية، ولمَ لا اذا كانت هذه الهوية ستوحدنا جميعاً في مجابهة قضايا واجندات خارجية ، ولكن ما لا يتفق عليه الكثيرون هو كيف يوظف هذا المفهوم في الوقت الحالي؟ وفي أي سياق يتم تناوله والعمل عليه؟
وفيما يخص مفهوم ” الهوية الجامعة” في الأردن، فإنها تطرح ضمن مدلولات مختلفة بنيات متناقضة، فهناك من يطرحها في سياق تصفية القضية الفلسطينية عبر الأردن، فيما يطرحها آخرون يرغبون فعلاً في تحصين الهوية الوطنية.
والسياقات التي تعمل عليها هذه الأطراف تنسجم مع التوجهات التالية : اما إقامة الوطن البديل في الأردن، أو عبر كونفدراليات ثنائية مع الضفة وثلاثية مع القطاع.
وهذه المخاوف ليست بجديدة، فمنذ تأسيس الدولة الأردنية عام ١٩٢١ تعيش مكوناته الاجتماعية حالة من “التساكن القلق” بين الحين والآخر حسب الظروف السياسية الداخلية والخارجية.
وفيما يخص الشباب تحديداً، تشير هذه المخاوف عند الشرق أردنيين إلى فقدان دورهم السابق في مؤسسات الدولة الحكومية والعسكرية والأمنية ، التي تشكل هيكلتها مؤخراً قلقاً جديداً في ظل تزايد نسبة البطالة بين صفوف الشباب بشكل عام، فيما المكون من أصل فلسطيني والذي منح الجنسية الأردنية بعد تهجيره، اتجه أكثرهم للعمل في الميدان الاقتصادي والتجاري، صار ضحية لتوظيف قوى محلية وخارجية تسعى لاستبدال حقوقه بالعودة بعناوين ملتبسة مثل الحقوق المنقوصة، اي ان القوى الخارجية التي تلعب على هذه العناوين تقف بالمطلق ضد حقوقه الوطنية بالعودة.
وفي ضوء ما سبق فإن الهوية الجامعة الحقيقية هي هوية من أجل حق العودة، وليس استبدال هذا الحق بحقوق مريبة مثل الحقوق المتقوصة.
وفي خضم هذه المخاوف القلقة عند الطرفين، يطرح الشباب تساؤلات عدة أهمها :
ماذا يعني مفهوم الهوية الجامعة؟ وهل هي جامعة للهويات الفرعية لتوحيد الصفوف لمواجهة اجندات تحاك بالمنطقة؟ ام صورة مقلوبة لها؟
هل تعني الهوية الجامعة مدخلا للتوطين والوطن البديل على حساب حق العودة للفلسطينين؟
هل الشرق أردنيين مهددون بتقليص دورهم السياسي كما يراه الشباب؟
هل التعديلات الدستورية وتوصيات اللجنة الملكية تخدم تطوير الحياة السياسية و النيابية والمدنية، ام هي قناع لتصفية الشكل السابق للدولة والمجتمع؟
هل تعمل النخب الفلسطينية التي تخلت عن القضية الفلسطينية على إثارة بعض الأوساط لتحسين حصتها في مطابخ القرار الأردني من خلال العمل على تدوير القرص لصالح تمرير التوطين على الأراضي الأردنية لفقدان الأمل في حل قضيتهم العالقة في المدى البعيد لا القريب؟
وهل مفهوم ” الهوية الجامعة” رسالة أخرى لنقل أزمة بين الكيان الصهيوني وفلسطينيي الداخل إلى الأردن ؟؟؟