رمزي الغزوي
لن أتكلم عن مسلسل باب الحارة، ليس لأن ضرب الميت حرام فقط، بل لأننا نعرف أنه إذا لم يكن لديك شيء تقوله، فقد تستطيع أن تنجز دزينة ثانية من هذا المسلسل الذي ما زال يدور حول نفسه كثور الساقية.
ولن أقف أيضا عند هيزعيات رامز جلال، والذي رغم كل الانتقادات التي ينالها سنويا إلا أنه من الفقرات الأعلى مشاهدة. لكن ما أود قوله أن جلال هذا لا يستضيف من يستضيفهم. إنما هو يشتريهم. نعم يشتريهم وهم يسكتون على الإهانة والبهدلة لأجل المال.
ما أود الوقوف عنده هو غياب الإقناعية في مسلسلاتنا البدوية. ففي الأدب عموماً والدراما خصوصاً عليك أن تكذب بصدق، أي أن تكون مقنعاً دائماً وأبدا. الإقناعية هي العمود الفقري للعمل الفني، ومتى غابت سقط العمل أو المسلسل.
أي أن علينا كمشاهدين ألا نشك للحظة واحدة أننا أمام تمثيل وممثلين، وإلا انقطع بنا خيط المتعة. فالدراما الحقيقة يجب ألا نفرقها عن الحقيقة بكل تجلياتها وبساطتها وعدم افتعالها. وإذا ما تسلل إليك شعور بأن ما تشاهده تمثيل؛ سيفقد الفن معناه وفحواه ورسالته.
يبهرنا في هذه المسلسلات المكياج الحديث وتسريحات الشعر الجديدة، حتى للممثلة وهي تصحو من نومها. وتهولنا الأزياء المبهرجة والجديدة والبراقة وكأننا في استعرض لا بين رمل وبيوت شعر. ويهولنا أيضا الأثاث الفاخر العالي عن الأرض كالكنبات، وهذا لم تعرفها الصحراء قط.
منذ عشرة أعوام وأكثر بدأنا نلحظ حالة من البداوة 5 نجوم. فلم يبق إلا أن تستخدم الممثلة هاتفا نقالا في أحدث إصداراته وأشهر ماركاته، أو سيارة فورد 2022 بدلا من الناقة أو الحصان، بالطبع مع «بوتكس» ينفخ الشفتين بطريقة منفرة. والمصيبة الكبرى أن أغلب الممثلين والممثلات يتعمدون أن يفرجوا عن ابتسامتهم، حتى في المشهد الذي لا يقتضي الابتسام؛ كي نرى أسنانهم البيضاء المصدفة والمكلفة. كل هذا يجعلك تنفر من العمل وتقتنع أن المخرج ما قام بهذه البهرجات إلا ليغطي على غياب القصة من مسلسله.
ثم أن البداوية لسيت حالة حب ساذجة بلا أساس ودون خط درامي متين. بل ما ندركه أننا أمام ممثلين يممثلون وبلهجات مضحكة. وهنا انتكاسة فنية لا يجبرها المكياج، ولا حتى الشعر المهفهف أو نقوش التاتو.
في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بدأنا العزف على هذا اللون من الأعمال الدرامية والذي وجد سوقاً رائجة في دول الخليج. لكن الكسل والنمطية سيطرت على بعض مخرجينا وممثلينا وشركات إنتاجنا مع الأسف وبقينا ندور حول أنفسنا بغباء. الاستسهال هو الذي فجّر كل هذا الاستهبال.