
ممدوح النعيم
يُعد الإعلام أحد أدوات القوة الناعمة التي تمتلكها الدول لتعزيز حضورها على الساحة الدولية، وهو مرآة تعكس الهوية الوطنية وتسهم في تشكيل الرأي العام، سواء داخليًا أو خارجيًا.
بالنسبة للإعلام الأردني، ورغم وجود خبرات وكفاءات إعلامية رائدة، إلا أن تأثيره على المستوى الدولي لا يزال محدودًا، ما يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء ذلك وكيفية تعزيز دوره ليصبح لاعبًا فعّالًا ومؤثرًا في القضايا الإقليمية والعالمية.
الإعلام الأردني هو انعكاس لرؤى الدولة الأردنية ومواقفها تجاه العديد من القضايا الحساسة، كالقضية الفلسطينية، واللجوء السوري، ومكافحة الإرهاب، والتحالفات الإقليمية. ومع ذلك، فإن تناوله لهذه القضايا غالبًا ما يكون عير نشرات الاخبار وليس عبر برامج وتقارير وتحقيقات خاصة واجراء المقابلات والتحليلات وتوجيه الدعوات للمختصين والباحثين في الشؤون الدولية ، مع ضعف في القدرة على مخاطبة الجمهور الدولي بلغته وتطلعاته.
على الرغم من الجهود المبذولة، يفتقر الإعلام الأردني إلى الأدوات الاستراتيجية التي تمكّنه من طرح رؤية الأردن بشكل فعال على الساحة الدولية. فعلى سبيل المثال، تُظهر حادثة التزوير المتعمد التي مارستها قناة الجزيرة تجاه تصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضعفًا في سرعة استجابة الإعلام الأردني لمثل هذه الحدث ، سواء عبر التحليل أو المقابلات أو التقارير أو حتى التوضيح المستعجل .
لقد تم التحقق من عدم مصداقية الجزيرة في ترجمة حديث جلالة الملك من وسائل اعلام غربية وامريكية وكان لبث جلالة الملك تاكيداته على الموقف الأردني الثابت عبر منصة تويتر (اكس) اثرا ايجابيا بينما غاب الإعلام الأردني تاركا الساحة لأعلام يسعى إلى إثارة الفتن بعد أن ترك لمنصات التواصل الاجتماعي أن تمارس بث كافة أشكال الإشاعات.
فبركة الجزيرة وادواتها من شبكات التواصل الاجتماعي يدفعنا إلى طرح السؤال التالي هل هناك تحديات تواجه الإعلام الأردني ليكون ندا قويا في موازاة الإعلام الخارجي ؟ ما هي هذه التحديات وكيف يمكن معالجتها .
المتابع للإعلام الأردني خاصة المرئي منه يجد انه يقوم على التكرار ، تكرار الوجوه الإعلامية رغم اختلاف المواضيع ما بين ترفيهي وسياسي واقتصادي وثقافي ويتم تناول نفس الأطروحات في تناول القضايا الوطنية والدولية، مما أدى إلى إحباط الجمهور وتراجع نسبة المتابعة.
فبدلاً من الاستفادة من التنوع الكبير في الكفاءات الإعلامية الأردنية، تركزت المنابر الإعلامية حول شخصيات محددة، مما جعل الطرح الإعلامي جامدًا وغير جذاب.
الإعلام الأردني يركز بشكل كبير على القضايا الداخلية والخدمات الاجتماعية، مع محدودية واضحة في إنتاج محتوى موجه للجمهور الدولي بلغات متعددة فالتلفزيون الأردني في السابق كانت لديه قناة تبث برامجها باللغة الإنجليزية ونشرات اخبار باللغة الفرنسية والعبرية اي هناك هدف ورؤية من مخاطبة الآخر بلغته .
وبذلك افتقر الإعلام إلى استراتيجيات إعلامية تسعى لاستقطاب انتباه شعوب العالم نحو المواقف الأردنية الأردنية.
الإعلام الأردني يمتلك الإمكانات ليكون لاعبًا رئيسيًا على الساحة الدولية، لكنه بحاجة إلى استراتيجية شاملة تعزز من حضوره وتأثيره، عبر الاستثمار في الكفاءات الإعلامية، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة، وتبني خطاب إعلامي موضوعي وموجه.
يمكن للإعلام الأردني أن يصبح أداة فعّالة للدفاع عن المصالح الوطنية ونقل صورة مشرقة عن الاردن على المستوى العالمي.
المهمة ليست سهلة، لكنها ليست مستحيلة، فالأردن يمتلك كل المقومات لتحقيق ذلك إذا ما تم استثمارها بالشكل الصحيح.
ممدوح النعيم