د . ردينة بطارسة
قال ابن نباته في وصف الفر (وما الفقر الا للمذلة صاحب ….وما الناس الا للغني صديق ).
يحتفل العالم اليوم باليوم العالمي للقضاء على الفقر ..
هذا الفقر الذي كنا قبل عقد من الزمان نشير اليه بطرف العين أو باستخدام ألفاظ بديله مثلا …نقول بالاشارة الى الفقراء ( فيه اكم عيله بالمنطقة الفلانية وضعهم مش اكثير ..أو عليهم دين وتضتضع حالهم ).
أو نتعاطف ونقول (الله يعين دار فلان اولادهم بدرسوا وعليهم التزامات بتهد الحيل) . ونختم كلامنا بالدعاء بالفرج على جميع عباد الله .
وغيرها الكثير من العبارات التي يقابلها البعض بالتهكم أو التشكيك بأن هذا ما هو الا التظاهر بالتعاطف مع هؤلاء الزمرة التي تم تسميتهم عائلات معوزة .
اليوم وبكل أسف لم يعد ينفع هذا التعاطف في ظل اتساع رقعة الثوب ونقص الغطاء الساتر
فالحاجة كثيرة جدا
وعدد المحتاجين تفاقم حتى أصبح يشمل الغالبية في المجتمع وليس هناك من هو محمي من الدخول في القوائم الطويلة للمعوزين .
و هنا نجد أنها قد تغيرت المصطلحات حتى أصبح الكل تقريبا في حال مشابه
وصارت عبارة (كل واحد همه على قده )
(الله يعين الناس كلها محتاجه ) وغيرها من العبارات التي تدل على أن عمومية الهم مألوفه جدا ولم تعد تؤثر في قلوب المحسنين .
نعم هو الفقر …عدو السعادة …يذل ولي الأمر عندما يقف عاجزا أمام طلبات لا تنتهي ومجتمع لا يرحم .
في اليوم العالمي للقضاء على الفقر نتابع أصحاب التقارير
نقرأ أرقامهم الباهته على المواقع الاخبارية ،لن تضيف الى معلوماتنا شيء ،هي فقط عبارات مصفوفة ضمن بيانات صحفية على وسائل الاعلام ..اعلن فلان وقالت فلانه…وماذا عن بيان
المواطن المسكين .. يقف هناك في ذيل طابور السرفيس ..يبحث في قاع جيوبه التي ملئتها فواتير متأخره يبقيها هنا حتى لا تراها زوجته الصابره ويزداد حزنها وألمها … هي قروش قليلة …علها تكفي للأجرة ….ينظر بجفون ذابلة الى عناوين الجريدة التي تركها أحدهم على مقعد الباص قبله ويتمتم في نفسه…وهو يقرأ …..العالم يحتفل باليوم العالمي للقضاء على الفقر .
(مالي أنا وقرارات الحكومات …تبا لكل قرار اتخذته الحكومات …متى سيأتي اليوم الذي يبقى راتبي في جيبي كاملا …ديون والتزامات أدفعها الى أصحابها قبل وصولي البيت .. بالأحرى غرفتان تسميهم الدولة منزل لأجده يعبق برائحة العدس ..هناك أطفالي عادوا من مدارسهم ببطون خاوية ..ركضوا الى أختهم الكبرى التي أكملت الثانوية العامة بمعدل مرتفع و حرمها الفقر من الذهاب الى الجامعة …والدتي المسنه مريضة وعلاجها مفقود من صيدلية المستشفى والتأمين لا يغطيه …..ثلاجة خاوية الا من بعض زجاجات الماء …
زوجة مصفرة الجبهة من نقص الحديد ……..مالي أنا وتقاريركم …مالي أنا وقرارتكم …ليس يهمني أن أعرف ثمن البدلات وربطات العنق الفاخره التي ذهبتم فيها الى الاحتفال ….تبا لكل قرار اصدرته الحكومات )…
في اليوم العالمي للقضاء على الفقر ….ماذا فعل القادة الكبار للفقراء …الا أن جهزوا أسلحتهم وأرتال الدمار وبدأوا حروبا لا يعرف الفقير سببها ….ملايين الجوعى والمشردين …أطفال ونساء وعائلات شتتها قتال ليسوا طرفا فيه …أمراض وأوبئة عادت تطل برأسها المريض لتزيد من معناة هؤلاء الفقراء ….حتى أن الكون فقد حنانه واشتدت قبضته على البشر …فيضانات وزلازل واعصارات …موجات برد وحر …كلها تعصف بالانسانية .
نصلي للعلي القدير أن يحمي بلدنا من آفة الفقر ويبعد نار العوز ويخفف معاناة مئات من أبناء الوطن للحفظ على كرامة عائلات مستورة …رحم الله ضحايا القهر والفقر . في اليوم العالمي للقضاء على الفقر .