أ. سعيد ذياب سليم
تحديات تواجه اللغة العربية في التعليم
تعد اللغة العربية إحدى اللغات الستة الرسمية للأمم المتحدة، وهذا يشير إلى الأهمية التي تمتعت بها اللغة العربية في العالم أمام لغات الشعوب الأخرى، وقد كانت لها أهمية تاريخية في لعب دور حضاري يوما من الأيام، امتد ذراعاها ليحتضن العالم من الصين في الشرق، إلى إسبانيا في الغرب، أثّرت في لغات الشعوب وتأثرت بها، فهناك لغات شرق أوسطية ما زالت تستخدم الحرف العربي، و كثير من اللغات العالمية استقت كثيرا من كلماتها.
تحيا اللغة و تتقدم بإسهامات أبنائها و المتحدثين بها في الحضارة الإنسانية، في مجالات شتى، الكتاب و اللوحة التشكيلية ، و الفيلم السينمائي ، و المقطوعة الموسيقية، و العلوم ، لتغري الآخرين لتعلمها، فماذا قدّمنا نحن للحضارة الإنسانية؟ علاوة على أن العربية هي لغة القرآن.
إننا نشارك العالم في الحياة على هذا الكوكب، نتنفس هواءه، ونشرب من مائه، ونستظل بقوانينه، و نتعامل مع الآخرين من أبنائه، نتحدث معهم، نناقشهم، نجادلهم، نتفق أحيانا و نختلف مرات عدة، فبأي الألسن نعبر عن ذواتنا؟ وبأيها نستقي معلوماتنا؟
أمام الانفتاح الثقافي العالمي عبر قنوات الاتصال، ممثلة بالشبكة العالمية “الإنترنت”، والقنوات الفضائية، التي أفسدت علينا خلوتنا، أضف إلى أن تميز وطننا بموقعه جغرافيا و سياسيا، وضعه في خضم العلاقات الدولية ، لا بد لنا من استخدام لغة او أكثر غير اللغة الأم، للتعامل مع الآخرين، في الوقت الذي أصبح فيه العالم قرية صغيرة، وأصبح لنا مصير مشترك ، متأثر بسلوكنا و استغلالنا للمصادر الطبيعية دون هوادة.
هنا يأتي دور المؤسسة التعليمية، المدرسة و الأسرة، فهل يكفينا ما نقدمه لطلابنا في مدارسهم؟ وهل حصة اللغة الانجليزية تصنع الجسور بيننا و بين الآخرين ممن لا يتحدثون لغتنا؟
في ظل التحديات المعاصرة في سوق العمل، أصبحت اللغة الثانية مطلبا رئيسيا، للتواصل عالميا، و كلمة السر التي تفتح أمامنا أفقا واسعا لمتابعة التعلم، والنهل من المصادر المعلوماتية على صفحات الشبكة العالمية، لذا علينا تنويع معلوماتنا وإثراء لغتنا الثانية في مجالات مختلفة، اقتصاديا و فنيا وعلميا وغيرها من الموضوعات التي تقودنا مستقبلا إلى تخصصات بعينها دون غيرها. فكيف يتم ذلك؟
أرى أن نقوم بتقديم المصطلحات بطريقة ثنائية اللغة – العربية و الانجليزية ، في المواد التعليمية المختلفة، وهذا متوفر في بعض كتبنا المدرسية، واستخدامها لكسر حاجز اللغة أمام طالبنا.
ولا بد من إثراء منهاج اللغة الانجليزية بالموضوعات الفنية و العلمية، وربطه بالمواد التعليمية الأخرى، و تفعيل استخداماتها خلال الحصة التعليمية، بحيث تكمل المواد بعضها بعضا، فكلمة “absolute” “مطلق” التي تعلّمها في حصة اللغة العربية و الانجليزية، يستخدمها في حصة الرياضيات ، عند دراسته لاقتران القيمة المطلقة “ absolute value function” ويشتق منها abs(x) إحدى مفردات لغات البرمجة الحاسوبية، ويتناول دراستها في حصة الكيمياء “ absolute zero” أو الصفر المطلق.
وهكذا لا يكتفي الطالب بحفظ المصطلح، ولكن يتطور كالكائن الحي ، يضيف عليه و يكتشف أبعاده، بعد أن و ضعه المعلم أمام مسؤولياته لينطلق حرا في فضاء المعرفة.
كما ويمكن تدريس مواد تعليمية، مثل التاريخ أو العلوم ، باستخدام هذه اللغة أو تلك، في أحد الأفرع التعليمية دون الأخرى، بشكل اختياري أو إلزامي ، في مرحلة عمرية معينة، وهذا ما يحدث في مدارسنا الخاصة، فلم لا تعمم التجربة؟
من بين الموضوعات التي تدرس في كتاب الرياضيات للصف الثاني العلمي، هو ” معكوس المشتقة” ترجمة للمصطلح “antiderivative” استخدم في شرح المادة و طرح الأسئلة بطريقة أثارت كثيرا من التساؤلات و ألقت ظلا من الشك.
فلم لا يتم التنسيق بين العاملين على المنهاج و مجمع اللغة العربية لنحت مصطلحات خالية من الغموض، و لم لا يتم الاتفاق بين مجامع اللغة العربية، في الدول العربية لتوحيد المصطلحات، فإن لم نستطع فعلينا استخدام المصطلح العلمي العالمي كما هو ! هذا في الوقت الذي يتم فيه تداول مقترح أن تصبح اللغة العربية – تخصص، مادة اختيارية للطالب في الفرع الأدبي، أين يضعنا ذلك وكيف نحافظ على حيوية لغتنا التي تصلنا بالعمق الحضاري العربي ، و تكسبنا سمات خاصة بين الآخرين .