د.عبدالله القضاة
تحسين الوضع المعيشي مطلب أساسي
شهدت السنوات الأخيرة حراكا حكوميا نشطا لتطوير وتنفيذ رؤية وطنية للتحديث الإداري نتج عنه خارطة طريق وعددا من السياسات والأنظمة الداعمة، على اعتبار أن التحديث الإداري يشكل رافعة أساسية للتحديث السياسي والاقتصادي للدولة في مئويتها الثانية وفقا للرؤية الملكية السامية.
يتساءل البعض ضمن هذا السياق: ألا يعتبر تحسين الوضع المعيشي لموظفي ومتقاعدي القطاع العام مطلبا أساسيا لنجاعة هذا التحديث؟ ولإعتقادي بإن ذلك مطلبا أساسيا لنجاح هذا التحديث، أطرح عبر هذا المثال مجموعة من الأفكار التي يسهم تطبيقها في تحسن المستوى المعيشي لموظفي القطاعين العام والخاص، والمتقاعدين العسكريين والمدنيين، ومتقاعدي الضمان الاجتماعي، ويتأتى ذلك من خلال تطوير جوانب هامة في تطوير التشريعات ذات الصلة
تعديل رواتب المتقاعدين وربطها بالتضخم
أولا: تعديل قانون التقاعد العسكري بما يضمن تقليص الفجوة بين المتقاعدين وخاصة بين رتبة عقيد وعميد، ورفع الحد الأدنى للرواتب التقاعدية، وخاصة للمتقاعدين القدامى، إضافة إلى ربط الراتب التقاعدي بالتضخم.
ثانيا: تعديل قانون التقاعد المدني بما يتضمن رفع الحد الأدني للراتب التقاعدي وربط التقاعد بالتضخم، إضافة إلى إيجاد نص يخير الحكام الإداريين وموظفي الفئة العليا المجموعة الاولى بالبقاء تحت مظلة التقاعد المدني، أو الإنتقال لمظلة قانون الضمان الإجتماعي، وكذلك السماح للمرأة المستحقة لنصاب معين من تقاعد زوجها، أو ابنها، أو والدها الجمع بين الأنصبة من غير قيود، وكذلك أجرها، أو تقاعدها.
ثالثا: تعديل قانون الضمان الاجتماعي بما يضمن الغاء سقف الأجر الخاضع للضمان الاجتماعي مقابل وضع سقف للراتب التقاعدي، من خلال إضافة معامل منفعة جديد لمتوسط الأجر الذي يتجاوز 3000 الأف دينار، بحيث نضمن خفض الرواتب التقاعدية لذوي الأجور المرتفعة بهدف زيادة الرواتب المتدنية ورفع الحد الأدنى لهذه الرواتب، وهذا يحقق مبدأ إسلامياً في التكافل الإجتماعي بالأخذ من الأغنياء من خلال سقف الراتب التقاعدي وإعطاء الفقراء من خلال رفع الحد الأدنى للرواتب التقاعدية المتدنية.
رابعاً: تعديل قانون الضمان الاجتماعي بما يسمح بقبول دخل إضافي: أي السماح للمؤمن عليه إضافة أجره الخاضع للضمان بناء على تصريح شخصي منه بوجود دخل إضافي يتم شموله مع أجره الحقيقي للضمان الاجتماعي، وهذا ينعكس مستقبلاً على رفع الرواتب التقاعدية للأردنيين وتحفيزهم للعمل لحسابهم الخاص إضافة إلى محاربة التهرب الضريبي، وهذا لن يكلف الحكومة، أو الضمان أية أعباء مالية جديدة، وبالمقابل يحفز المواطنين للعمل والإنتاج.
خامساً: تعديل قانون التقاعد المبكر: ترك الحرية للمتقاعد المبكر في حال عودته للعمل بأجر مشمول بالضمان بعد مرور عامين على تقاعده، إما بالعودة للشمول ضمن الأسس التي وضعها القانون الحالي، أو العمل خارج أحكام القانون، مع ضرورة ربط راتب التقاعد المبكر بالتضخم عتد إكمال المتقاعد سن الثالثة والخمسين.
سادساً: تعديل قانون العمل بما يضمن إضافة نصوص تلزم صاحب العمل منح زيادة سنوية للعاملين بما لا يقل عن نسبة التضخم، ومنح مكافأة خدمة عن الجزء من الأجر غير المشمول بالضمان الاجتماعي، لينسجم ذلك مع قانون الضمان الاجتماعي، وإلزام صاحب العمل بتوفير التأمين الصحي للعامل وعائلته مقابل اشتراكات عادلة توافق عليها الحكومة، مع ضرورة رفع إجازة الأمومة لتصبح (90) يوما بدلا من (70) يوما.
حوكمة إدارية
سابعاً: ضرورة إعادة النظر بحوكمة مؤسسة الضمان الاجتماعي بالشكل الذي يضمن وجود رئيس مجلس إدارة متفرغاً لها، وتطبيق أنظمة خاصة ومنها نظام موارد بشرية خاص بموظفي المؤسسة أسوة بموظفي البنك المركزي، على أن ينسجم مع سياسة الموارد البشرية التي تطبقها الحكومة.
ثامناً: تطوير نظام الحكام الإداريين في وزارة الداخلية ليتضمن منحهم الرتب العسكرية الفخرية أسوة بالجمارك الأردنية، والمزايا نفسها الممنوحة لضباط الجيش العربي -القوات المسلحة الأردنية-، من إعفاء جمركي وإسكان وشمول أبناءهم بالمكرمة الملكية السامية، وهذا يدعونا للمطالبة بتطبيق نظام خاص بالحكام الإداريين أسوة بالدبلوماسيين.
تاسعاً: تعديل نظام الموارد البشرية للقطاع العام بما يضمن رفع رواتب موظفي القطاع العام، مع ضرورة تخفيض ساعات العمل الرسمي لتصبح ست ساعات فقط شريطة أن يكون للموظف عمل خاص، أو مهنة تدر عليه دخلا آخر، مع السماح للموظف العمل خارج أوقات الدوام الرسمي شريطة أن يكون العمل خارج أوقات الدوام الرسمي وبما لا يتعارض ومصلحة العمل، وتشجيع التوجه نحو العمل والدوام المرن والسماح بالإجازات من غير راتب للموظف بعد مضي خمس سنوات على عمله وبحد أعلى خمس سنوات.
تقنين المستفيدين من رواتب التقاعد والتأمين الصحي
عاشراً: حصر الرواتب التقاعدية بالأردنيين وأبناء الأردنيات والأخوة الفلسطينيين العاملين، أو المقيمين في الأردن، وصرف تعويض نهاية خدمة لغيرهم من العمالة الوافدة للحد من تحفيزها بالعمل في الأردن.
حادي عشر: تقنين التأمين الصحي للمتقاعدين وذويهم: أقترح حصر التأمين الصحي الذي ستطبقه مؤسسة الضمان الاجتماعي بالمتقاعدين وعائلاتهم فقط، وترك تأمين العاملين لأصحاب العمل، وهذا يحتاج تعديل قانون العمل أيضا.
ثاني عشر: إضافة نص يشترط انهاء خدمات العامل لأسباب صحية بناء على تنسيب اللجنة الطبية في الضمان الإجتماعي أسوة بموظفي القطاع العام، وهو من التعديلات الهامة التي توفر الحماية للعامل.
ثالث عشر: أقترح نصا يجيز لوزير العمل تخفيض الحد الأدنى للأجر الخاضع للضمان ليبدأ ب (100) مائة دينار للرياديين والعاملين معهم والعاملين في المشاريع الصغيرة، على أن يتزايد الأجر الخاضع بنسبة (20%) للسنوات الخمس التالية ليصبح بعد ذلك مساويا للحد الأدنى للأجور الطبيعي، من قبيل دعم الشباب في التوجه لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة.
كما إن لدينا العديد من الأفكار سوف نطرحها في مقالات لاحقة بإذن الله
الدكتور عبد الله محمد القضاة
*أمين عام وزارة تطوير القطاع العام، مدير عام معهد الإدارة العامة سابقا.
abdqudah@gmail.com