د. مفضي المومني.
الإدارات الجامعية والتغييرات الموسمية تدق الباب، فالتغيير سمة الحياة… ومن لا يتغير لا يتطور… في الأوساط الأكاديمية، هنالك دائماً أوقات وحاجات للتغيير… وأقصد المناصب الأكاديمية، وفي الفترة الحالية والقادمة هنالك استحقاق دوري وطبيعي للتغيير في الجامعات؛ من نواب الرئيس إلى العمداء ونوابهم ومساعديهم ورؤساء الأقسام. ولما نلمسه وما تعانيه جامعاتنا من سوء الإدارة لبعض او الكثيرين ممن يتسنمون المناصب الإدارية، ولا تكاد تجالس أي من أعضاء الهيئات التدريسية والإدارية من غالبية جامعاتنا إلا وتسمع شكاوي مريرة… تتراوح بين الضعف وسوء الإدارة والمزاجية والشخصنة والفساد أحياناً، والإبتعاد عن الأكاديمية في السلوك والتصرفات والتعامل مع الزملاء، إضافة لضعف الإنتاجية أو التطوير، ممن يشغلون مناصب في الجامعات، البعض ممن نزل ببرشوت الواسطة وعدم الإستحقاق وإنعدام الكفاءة يأخذ المنصب (بريستيج) ومركز إجتماعي وكرسي يتلمسه كل حين غير مصدق أنه يشغله..! والبعض حاقد ومريض نفسياً ويعتقد أن الكرسي هو مجاله الرحب لفرض سطوته وأمراضه على غيره، فيكيد لزملائه ويشي بهم وينافق ليبعد كل كفؤ عن نظر الرئيس… والبعض إما جزء من شله أو فلول لإدارات غابرة… ولا يترك فرصة مواتية أو جلسة عابرة مع الرئيس أو من خلال مقربيه… لإيذاء غيره من الاكفاء أو ممن يختلفون معه بالرأي…أما الأكفاء والمميزون الذين لا يطيقون ذلك، فلديهم متلازمة الإنسحاب من المشهد كما يخبرنا علم النفس، ومرنا بتجارب وتميزت إحداها في حقب سابقة من ويلات الظلم والإفتراء والعبث بأرزاق الناس وترقياتهم وسمعتهم ناهيك عن الفساد والإفساد ونهب المال العام مرة من تحت الطاوله ومرة بلي عنق التشريعات لتصبح خادماً مطيعاً للفساد بمباركة جهبذ قانوني باع ضميره وخلقه…، وبعض الإدارات حولت الجامعة لمزرعة تعيسة، معتقدين أنهم ظل الله في الأرض وانهم مدعومون من جهات مختلفة متنفذة… ولكن هيهات هيهات… الظلم ظلمات، ورب العالمين بالمرصاد فذاقوا وسيذوقون بما صنعت أيديهم ويل ما عملوا… ولم يتذكروا أن الواسطة والمحسوبية وتبادل المصالح الفاسدة قد توصلك للمنصب وقد تطيل لك فترة بقاءك على الكرسي؛ لكنها لن تصنع لك النجاح، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولأن جامعاتنا مصدر فخر وطني نريدها أن تعانق ذرى المجد والعلم وتنشر كل طيب لخدمة الوطن. قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) القصص، وهنا هي دعوة لكل رؤساء الجامعات الحاليين بأن تكون اختياراتهم مبنية على معايير الكفاءة التي هي صنو القوة إدارياً وفنياً وأكاديمياً، أما الأمانة فمعاييرها العدل والشفافية وعدم التحيز ونظافة اليد وحسن التعامل، وعدم مد اليد لمال السحت والحرام، والأمانة والإخلاص في العمل، وقد وشت لا بل فضحت لنا التجارب من أوغلوا وفسدوا وسرقوا وتنفعوا وجمعوا الأرصدة وصاروا تجار اكاديميين من المال الحرام…في غابر الأيام… فلا تغمضوا أعينكم يا رؤساء الجامعات…ولا تكرروا المجرب… ولا تعطوا فرصة لمن هو إمتداد لحقب إدارية فاسدة، وابحثوا عن الأقوياء الأمناء فهم موجودون في جامعاتنا وبحاجة لفرصة لم تتيحها لهم إلإدارات السيئة، ويجب ألتخلص من كل من وافق وساهم ودعم وشارك أي رئيس أو إدارة على الظلم والفساد والإفساد، فمن فسد خلقه وأساء بضغط وبخوف مع إدارة سابقة فاسدة أصبح ذلك سلوكا ووسما له سيجتره في كل حين، وجامعاتنا أولى أن يتناوب مناصبها كل شريف نظيف قوي أمين، بعيدا عن الضغوطات والواسطات التي اهلكت الحرث والنسل…وتسببت بتراجع نظامنا التعليمي وسمعته وهذه أمانتكم وروح الإرادة الملكية السامية التي وشحت تنصيبكم، وأنتم ترون مشاهد سبقتكم… لن ينفعك المتنفذون المتوسطون ولا غيرهم… في النهاية ستغادر منصبك…ربما بعد سنة أو سنتين وقد تكمل مدتك أو لا…فالوضع غير مطمئن…في ظل آخر ممارسات الإعفاء لرؤساء الجامعات بالجملة..! فإما تغادره مرفوع الرأس وطيب السمعة والذكر، وإما تغادره مذموماً محسوراً… مطأطئ الرأس سيئ السمعة لا يطاق ذكرك… ولا يدوم إلا العمل الصالح والسمعة الطيبة. فلا تغامروا يا رؤساء الجامعات بتاريخكم الأكاديمي لإرضاء متنفذين هنا وهناك…يبنون شعبويات زائفة من خلالكم… وحين تغادرون ينسونكم ويتفرجون على خذلانكم. في مواسم التغيير في الجامعات، تغيير الرؤساء او التجديد أو التشكيلات الأكاديمية، تبدأ ماكنة الإشاعات والبيانات والأراء، والأقاويل والباحثين عن مناصب ومكاسب، أو الباحثين عن إدامة مكاسب وأمتيازات لا يستحقونها، وبعضهم ينشط في ذكر إنجازاته الكرتونية الفارغةوالكاذبه ويتحدث عن النزاهة وهو من مسح الجوخ ولعق الأحذية ليحصل على منصبه وتاريخه حافل بالكذب والنفاق، وأعجب أن يكون هذا في الأجواء الأكاديمية وبهذا الزخم ولكنك لا تعجب إذا عرفت أن من أتى به فاسد مثله..!، وإذا عرفنا أن المناصب الأكاديمية تكليف أيا كانت من رئيس الجامعة إلى رئيس القسم، فعمل الأكاديمي الأساسي عضو هيئة تدريس، يكلف بمناصب داخل او خارج جامعته، وحين ينتهي التكليف يعود إلى مكتبه وطلابه، وهو العمل الأرقى والأجمل، بعيدا عن الضغائن والمكائد وضرب الأسافين والأجواء غير الصحية للأسف، ففي كل موسم تغيير يبدأ الناس بالإصطفاف، مع أو ضد أو متفرج، مع: تنحصر بالمستفيدين أو الموضوعيين الذين تهمهم المصلحة العامة، وضد: من غير المستفيدين أو من تهمهم المصلحة العامة أيضاً، وهنالك فئة انتهازية أو محايدة تقف من بعيداً تطالع المشهد، وتنتظر المنتصر لتركب الموجة، إذا هي معمعة ولاءات مختلطة فيها الغث وفيها السمين، ويغذي هذه الأجواء المشحونة عدم وجود نظام تقييم موثوق ومعتمد في الجامعات أو من التعليم العالي، فيه سجل أداء وإنجازات حقيقية موثقة وموثوقة لكل من يتسنم منصب إداري أكاديمي..!، تُعتمد لإعادة التجديد أو التمديد أو النقل أو الإعفاء من أي مركز أو منصب لأي أكاديمي، بحيث نغلق باب الأحاديث الجانبية والإشاعات وسيل المعلومات والتسريبات سواء كانت صحيحة أم لا، فإذا إستطاع نظامنا التعليمي، إبتداء بمجلس التعليم العالي والوزارة ومؤسسات التعليم العالي عمل ذلك، تصبح مواسم التغيير أكثر من عادية ولا مجال فيها لحملات أو عواطف أو اصطفافات سواء كانت سلبية أو إيجابية، أو تصفية حسابات بحثا عن مصالح أو منافع، أو واسطات…أو حملات إعلانية أو توسطات… يقول صاحبها للرئيس (هيني موجود) .فالتغيير سمة الحياة، والإدارات أيا كانت ليست مطلقة أو أبدية، وما يبقى دائما عملك فهو من يخبر عنك، عندما يختلط الحابل بالنابل، ومن هنا أنا لست مع أي شخص أو جهة أيا كانت تطعن مؤسساتنا الوطنية وجامعاتنا، فهي مؤسسات وطنية لنا جميعا وليست لأشخاص أو جهات بعينها، وهذه مسيرة تراكمية بنيت بجهد الجميع، وأي مسيرة يرافقها هنات وتداخلات وإخفاقات وخروج عن المسار ونجاحات وإبداعات، ويذهب الأشخاص وتبقى المؤسسات، قد نختلف على الأشخاص وأدائهم بين مؤيد ومعارض، ولكننا يجب أن لا نختلف على المؤسسات فهي ثروتنا الوطنية وسمعتها من سمعة الوطن، معروف أننا لا نتقن ثقافة الإختلاف..!، ولا ثقافة النقد البناء، فلا الأفراد يستطيعون التعبير غالبا ربما خوفاً على مصالحهم، ولا الإدارات جاهزة أحيانا لتقبل النقد الموضوعي، إضافة لعدم وجود نظام تقييم ومحاسبة فاعل، وهذا ما يدخلنا في متاهات لن تخدم بلدنا ولا مؤسساتنا. نتمنى أن يؤسس مجلس التعليم العالي والوزارة والجامعات لحالة صحية غير التي نعيشها ونتجاذبها، وتدخلنا في صف الولاء والشخصنة أو عدمه من حيث ندري أو لا ندري، وتتيح المجال للتدخلات والواسطات لأصحاب الإنجازات الموهومة أو العبثية المتشبثين بمناصبهم ولو على ركام جامعاتهم. جامعاتنا منارات علم يجب أن تكون بيت خبرة للوطن وتقود تطوره… وغير ذلك سنبقى في أتون العشوائية والتخبط والتراجع وإنعدام التطور…أتمنى أن نرتقي وتكون جامعاتنا أنموذجاًٍ وطنياً وعالمياً… ولن يكون ذلك بما نحن فيه… يجب أن نتعلم من أخطأنا… إن علينا أن نفعل شيئاً آخر… نعرفه ويجب أن لا نضع رأسنا بين الرؤوس أو كالنعامة…ونقول مركب وساير… . حمى الله الأردن.