مكرم الطراونة
من الغريب أن يعمد مواطن أردني إلى عمل أو قول يسهم من خلاله في هدم جهود وطنية كبيرة بذلت على مدار أعوام طويلة لإنجاز أمر ما .
شخص أردني يطل علينا من على شاشات الإعلام العراقي، ويصرّح بكل ثقة أن الكابتن عدنان حمد لم يتمكن من العلاج لدى أحد الأطباء جراء إلغاء تأمينه الصحي من قبل اتحاد كرة القدم عقب انتهاء عقده كمدرب للمنتخب الوطني.
المحلل الرياضي هذا، لم يفكر مليّا بتبعات مثل هذا الحديث على علاقة شعبين بلغت في فترة من الفترات مرحلة الحضيض جراء الأوضاع السياسية والأمنية.
كل ما أراده هو الاستعراض الفارغ على قناة عراقية، وبطريقة سلبية غير مقبولة، متناسيا الجهود الوطنية التي أسهم فيها مئات الأردنيين لكي يتمكنوا من التقريب بين الشعبين الشقيقين الأردني والعراقي، ولا أدري، هل تابع بعين الرضا حجم الإساءات التي تم توجيهها للأردن من قبل عراقيين عقب إطلاقه تصريحاته الفارغة والتي تخلو من المعنى والحكمة والكياسة.
من تابع مواقع التواصل الاجتماعي عقب هذه التصريحات، لا بد أنه لمس بنفسه تأثير كلام المحلل الرياضي في الشارع العراقي، إذ أن حجم الإساءة لاتحاد كرة القدم جاء بصورة كبيرة وهستيرية، لم ينج منها الأردن وأهله أيضا.
وهنا لا ألوم العراقيين الذين انساقوا باتجاه عاطفة جرفتهم لمثل هذا السلوك، والذي أصر على أنه لا يجوز في حقنا، لكنني بالتأكيد أحمّل كامل المسؤولية لهذا المعلّق الرياضي الذي لا يتحلى بأيّ مسؤولية، حين انبرى يوجّه سهامَه إلى بلده ومؤسساته، متناسيا بأن من أبسط قواعد عقود العمل هو انتهاء ملحقاتها وامتيازاتها بمجرد انتهائها، وأن اتحاد الكرة لم يتقصد عدنان حمد بشكل شخصي وخاص حين قام بإنهاء تأمينه الصحي، بعد انتهاء عمله بتدريب المنتخب الوطني، وإنما هو إجراء روتيني تتخذه الشركات والمؤسسات في مثل هذه الحالات.
لست على علم بما جرى مع الكابتن عدنان حمد، ولماذا لم يجدد له، فهذا قرار إداري وفني يعود فقط لاتحاد كرة القدم، لكن ما أعلمه أن من حق الاتحاد أن يتعاقد مع من يراه ملائما للمرحلة المقبلة التي ستشهد مشاركة أردنية في كأس آسيا، وتصفيات كأس العالم. الاستغناء عن مدرب لأي فريق هو أمر طبيعي يحدث يوميا حول العالم، خصوصا الفرق التي تبحث عن نتائج أفضل، وعن طموحات تسعى لتحقيقها، ولا يمكن أن يكون قرار كهذا سببا في شرخ بالعلاقات بين الأشقاء.
في الأردن، يحظى عدنان حمد بشعبية جيدة لدى شريحة كبيرة من الجمهور، فهو قد حقق إنجازات مهمة مع كرة القدم المحلية، وينظر إليه باحترام كبير، ويعتبر جزءا من الأردن، وواحدا من أبناء شعبه، خصوصا أنه مقيم بشكل شبه دائم في عمّان، وله أعمال واستثمارات يديرها هنا.
لذلك، فمن غير المقبول المزاودة على اتحاد الكرة الأردني، وإظهاره كما لو أنه يتقصّد الكابتن حمد.
قلت إنني لا ألوم الأشقاء العراقيين في هذا المقام، رغم عتبنا الكبير عليهم، فقد كان أولى بهم أن يبذلوا جهدا في البحث والتحري عن الدقة، ومعرفة حيثيات الحادثة، من أجل حكم أكثر إنصافا لجميع الأطراف، يعفينا من خوض حروب كلامية وتبادل اتهامات نحن في غنى عنها.