رمزي الغزوي
سُعدت كثيراً باختيار مجلة «تايم» الأسبوعية الأمريكية لإيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي «تيسلا» و»سبيس إكس»، شخصيةً للعام 2021؛ ليس لأنّه الرجل الأثرى مالاً في العالم، بل لأنّه حسب ما رأيت وتوقعت، الرجل الأكثر آمالاً بتغيير مستقبل البشرية، والأكثر تخوّفاً عليها من خطر الانقراض، والأحرص على البحث عن ملاذات آمنة لها.
لم أقتنع بتشبيه رئيس تحرير المجلة إيلون ماسك بالطيّار تشارلز ليندبيرغ، والذي اختير شخصية لعام 1927؛ تكريماً له على أول رحلة طيران فردية عابرة للمحيط الأطلسي. صحيح أن الرجلين اقتحاميان مغامران، ولكن ما يملكه الأول من رؤى وتطلعات، يخرجه من هذا الإطار إلى صورة أقرب ما تكون إلى فيسلوف تنفيذي أخذ على عاتقة دقّ جرس الإنذار، وثبّت مسماراً أول في مركب حلم يخالج الإنسان.
دأبت هذه المجلة على تقليد اختيار شخصية للعام منذ عشرينيات القرن الماضي، إذ تمنح اللقب لمن كان له الأثر الأكبر في أحداث العام. ولهذا جاء في تعليل اختيارها ماسك، أنه سعى لإيجاد حلول لأزمة وجودية، ولتجسيده الإمكانيات والمخاطر في عصر عمالقة التكنولوجيا، ولقيادته التحولات الأجرأ والأكثر تأثيراً على المجتمع. لكنّ المجلة، على ما يبدو، أغفلت بقصد أو بآخر، حقيقة أنّه رجل يهجس بفكرة حماية بني الإنسان من خطر الانقراض، ويتطلّع إلى إنشاء مستعمرات فضائية لهم، أساسها في كوكب المريخ الأحمر القريب؛ لتكون البشرية بكواكب متعددة؛ لا أن تكتفي بكوكب أزرق وحيد قد تنقرض بانقراضه وتمرض بمرضه.
شغل أيلون ماسك نفسه وكرّس أفكاره ووضع إمكانيات شركته في البحث عن الكيفية التي يمكن لحياتنا الذّكية على الأرض أن تفرّخ حيوات جديدة، ربما تكون أكثر ذكاء، على كواكب أخرى ومستعمرات صناعية ممتدة عامرة. ولربما أن صاحبنا قد انطلق نحو هدفه المشروع هذا من خوفه المستتر من انقراض قد يحلّ على الأرض، بسبب ما تكابده من تغير مناخي غير مقدور على وقف تفاقمه. ولهذا لم أنظر أبداً، إلى ما قامت بها شركته الثانية، من إطلاق أول رحلة سياحية إلى الفضاء، وعلى متنها مدنيون، في منتصف شهر أيلول الماضي، لم أنظر إلى هذا على أنه ترف أثرياء وطريقة مبتكرة لتبديد ثرواتهم، حسب ما يرى المثل « اللي معاه مال ومحيّره يشتري حمام ويطيره»، بل شعرت للحظات، أن تلك الرحلة ستشكل علامة فارقة، اقتحامية وضرورية في حضارة بني الإنسان.