محمود الخطاطبة
لا أحد يُنكر أو يكره أن يكون هناك توازن ما بين الموضوع الصحي والاقتصادي، وخصوصًا في ظل ازدياد الوفيات والحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد، لكن يبدو أن ديدن هذه الحكومة، كما الحكومات السابقة، هو التخبط أو اتخاذ قرارات وإجراءات، أقل ما يقال عنها إنها عشوائية.
من ضمن القرارات الأخيرة، التي اتخذتها الحكومة، زيادة ساعات الحظر الجزئي لتصبح من الساعة السابعة مساء وحتى السادسة صباحًا للأفراد، وتمديد الحظر للمنشآت، ومن ضمنها المراكز الصحية الخاصة، لتصبح من السادسة مساء وحتى السادسة صباحًا.
يبدو أن الحكومة نسيت، أن المراكز الصحية الخاصة، يقع على عاتقها، مسؤولية كبيرة، في تخفيف الضغط الحاصل عن المستشفيات، سواء تلك التي تتبع وزارة الصحة أو الجامعية أو الخدمات الطبية الملكية أو الخاصة.
لا أحد يُنكر فضل تلك المراكز، بأنواعها المختلفة، في ذلك، وفي كل الأوقات، وخاصة في ظل الأوضاع الراهنة، مع انتشار جائحة كورونا.
خطأ كبير ارتكبته الحكومة، جراء شمول المراكز الصحية الخاصة، في قرار تمديد الحظر للمنشآت، حيث كان الأصح، استثناؤها من ذلك القرار، وخصوصًا مع نفاذ قرار وزارة الصحة، القاضي بإغلاق العيادات الخارجية في المستشفيات الحكومية.
صحيح أن الإجراءات الاحترازية ضرورية، خاصة في مثل هذه الأوقات، لكن المراكز الصحية الخاصة، وبالتحديد تلك التي تعمل 24 ساعة، لها أهمية كبرى، في تقديم العلاجات للمواطنين، الذين أصبح غالبيتهم، لا يقدرون على دفع تكاليف العلاج في مستشفيات خاصة.
عندما يتعرض المواطن، لعارض صحي طارئ، فإنه حتمًا سيذهب إلى أقرب مركز صحي، لكي يحصل على علاج بعد تشخيص حالته المرضية.. هذا في الوضع العادي، أما الآن فإنه سيضطر إلى الذهاب إلى أحد المستشفيات الحكومية، التي يقع عليها في الوقت الراهن ضغط، يفوق قدراتها.
إن إعادة فتح المراكز الصحية الخاصة، وعلى مدار الساعة، أصبح ضرورة، فهي من ناحية تُخفف الضغط على المستشفيات، التي يتوجب عليها التفرغ لمعالجة الحالات الطارئة الخطيرة، وكذلك مرضى كورونا، ومن ناحية أخرى تُخفف الضغط أيضًا عن كوادر مديرية الدفاع المدني، التي ستتفرغ لمهمات طارئة وأكثر خطورة.
نقطة ثانية، في غاية الأهمية، يجب التنبه إليها، وهي تتمحور حول المراكز الصحية الحكومية، التي يجب استغلالها بطريقة أفضل مما هي مستغلة الآن.. فما المانع من أن يصبح دوامها 24 ساعة، أو على الأقل 16 ساعة؟
بهذه الطريقة، حتمًا سيخف الضغط عن المستشفيات الحكومية والخاصة، التي سيكون بعضها مخصصًا لاستقبال مرضى «كورونا»، فقط.. وفي حال كان ذلك صعبًا، فلماذا لا يتم تخصيص مراكز صحية، منتشرة في مختلف مناطق المملكة، لاستقبال مرضى الوباء، أو على الأقل إعطاء مطاعيم ضد ذلك الفيروس؟
الموضوع ليس صعبًا ولا مستحيلًا.. فالأمر يحتاج إلى قرار جريء، يتبعه جرأة في التنفيذ، مع إدارة وتنظيم للعملية بشكل جيد، وذلك بالتزامن مع التشدد في الرقابة والإجراءات والبروتوكول الصحي، من ارتداء كمامات وقفازات، والتباعد.