ينال البرماوي
لا تقاس أهمية تقارير ديوان المحاسبة السنوية ومخرجاتها بمقدار ما تحققه من استردادات مالية للخزينة نتيجة للتجاوزات المالية والإدارية في القطاع العام والتي تكون متواضعة إزاء الجهد الكبير الذي يبذله الديوان بكافة طواقمة على مدار العام وانما بمعالجة وتصويب الاختلالات الآنية وتفادي حدوثها مستقبلا والارتقاء بمستوى الأداء الحكومي.
الدور الرقابي لديوان المحاسبة الذي يعد من أقدم المؤسسات الرقابية على المستوى العربي يزيد حرص العاملين في الجهاز الحكومي .. مسؤولين وموظفين على تجويد أعمالهم بما يتسق وأحكام القانون والدقة والحذر من ارتكاب الأخطاء والتجاوزات ومراجعة القرارات والإجراءات الإدارية بشكل مستمر .
الملاحظ أنه ورغم تنبيه الديوان الى عديد المخالفات المهمة في بعض القطاعات سنويا وأثرها على المالية العامة وممارسات في حال ايقافها تسهم في ضبط النفقات الحكومية والاستخدامات السليمة للموارد وضمن التشريعات الناظمة لعمل القطاع العام الا انها ما تزال قائمة ولم يتم معالجتها.
مرة أخرى يورد الديوان في تقريره لعام 2021 اختلالات واضحة في القطاع المالي وخاصة ما يتعلق بالرسوم الجمركية و الضريبية وما ينجم عنها من فاقد مالي كبير من حق الخزينة يتمثل بحجم التهرب من الرسوم والضرائب والاعفاءات والتسويات والتي لو تم تحصيلها لكانت كفيلة بسد عجز الموازنة وتقليل الحاجة الى مزيد من الاقتراض وطرح السندات لتغطية موازنة التمويل.
الديوان كشف في تقريره ارتفاع عدد قضايا التهرب الضريبي والجمركي لعام 2021 مقارنة مع 2020 من واقع سجلات دائرة الجمارك ودائرة الضريبية ما يدل على عدم كفاية وفعالية أنظمة الرقابة والتشريعات بمعالجة الثغرات وتناسب العقوبات مع حجم التهرب وعدم توفر قاعدة بيانات كافية وموحدة عن نشاطات مكلفي دائرة ضريبة الدخل والمبيعات ولا يتم التنسيق بين الجهات المعنية .
عدد قضايا التهرب الجمركي كما ورد في التقرير ارتفع الى حوالي 5900 قضية بزيادة ألف قضية عن العام 2020 فيما بلغ عدد قضايا التهرب الضريبي 555 .
كما يؤشر التقرير الى تشوهات واختلالات في الاعفاءات الممنوحة للمشاريع الاستثمارية والمستثمرين في المناطق الحرة والتنموية من قبل الجهات المعنية وعدم كفاية الضمانات المقدمة للالتزام بشروط منح تلك الاعفاءات لتحقيق أهدافها المرجوة وهنالك بالفعل مشاريع أو مؤسسات تنشأ بشكل وهمي لغايات الاستفادة من الاعفاءات والحوافز الممنوحة للمستثمرين ويفترض أن يتم تجاوزها في قانون الاستثمار الجديد الذي سيدخل حيز التطبيق العام المقبل .
حجم الاعفاء المنفذة من قبل دائرة الجمارك والممنوحة لعام 2021 والتي تتمثل في ضريبة مبيعات ورسوم جمركية بلغ 1151 مليون دينار منها حوالي 477 مليون دينار اعفاءات بموجب اتفاقيات التجارة الحرة العربية والثنائية الدولية.
وبلغ حجم الاعفاءات من الغرامات التي تم تنفيذها من خلال لجنة تسوية القضايا العالقة بين المكلفين ودائرة ضريبة الدخل والمبيعات حوالي 361.8 مليون دينار نتيجة اعفاء اشخاص طبيعيين من مكلفي دائرة الضريبة من الغرامات المتحققة عليهم تنفيذا للعقوبات وتعدد التشريعات والصلاحيات الخاصة بمنح الإعفاءات من قوانين وأنظمة واتفاقيات وقرارات مجلس الوزراء .
القرارات الإدارية لا تقل أثرا على الأداء العام من التجاوزات المالية فقرار واحد خاطئ وليس في مكانه كفيل بالحاق نتائج سلبية تمتد لعدة سنوات ما يتطلب تفعيل الدور الرقابي لديوان المحاسبة على هذا الجانب وامكانية التدقيق في ملفات التعيينات بخاصة الوظائف القيادية وعدالتها ومراعاة تكافؤ الفرص بحيث تقدم الكفاءات ومحاربة فساد الواسطة والمحسوبية . ولماذا لا تدقق أوراق المرشحين للتعيين في هذه الوظائف من قبل ديوان المحاسبة قبل إقرارها؟.