اسعد العزوني
تتأهب عمّان عاصمة العروبة،التي إعتادت التجميع لا التفريق،والتأليف بين القلوب لا التنافر،تتأهب لإستقبال علم من أعلام العرب الذين قرنوا القول بالفعل،ونسج علاقات محبة مع عمّان حتى قبل أن تطأ قدماه ثراها الطيب…إنه أسد الدوحة قاهر الحصار سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ،وكان بشيره في محبته لعمّان ممثله الشخصي السفير فوق العادة سعادة الشيخ سعود بن ناصر آل ثاني،الذي نفذ تعليمات سموه بالحرف، تجاه أردن العروبة وقيادته الصامدة في وجه رياح السموم الحارقة المغبرة، التي هبّت على الشقيقة قطر في رمضان الخير والرحمة والتسامح، قبل نحو ثلاث سنين،حقدا وغيرة وحسدا وطمعا وجشعا وقصر نظر،بل وزاد عليها من فيض محبته وطيبته وتواضعه ،وحسن أدائه ولذلك إستحق لقب سفير فوق العادة ،ولاق به أن يكون ممثلا لسمو الأمير تميم صاحب النخوة ،لكن هذه الرياح تهب على أعداء الأمة نديّة تحمل الخير لهم إلى درجة أنهم قدموا القدس هدية للأعداء على طبق من ألماس.
إن زيارة صاحب السمو الأمير تميم المتوقعة للأردن وفي هذا التوقيت بالذات،ليست ككل الزيارات وسيكون البروتوكول المنظم لها غير كل البروتوكولات ،لأن الضيف ليس شخصا عاديا ،والمضيف أيضا،فهي زيارة جامعة وشاملة لكل أنواع الخير وأوجه المحبة ،وهي رسالة واضحة وصريحة للجميع،فعمّان الهاشميين لم تجرفها رياح السموم المغبرة الحارقة إلى خندق الشر المعادي لدولة قطر الشقيقة،ولم تنقطع عن شقيقتها الدوحة ،رغم حصار رياح السموم لكليهما ،كونهما هدفا لها منذ القدم ،لأسباب كثيرة أهمها أن من يناصبهما العداء لا دراية له بالسياسة ،ولا قدرة لديه على الإبداع ،بدليل أن ثرواته تذهب رشا في الجهات الأربع ،بينما شعبه يعيش في حقبة ما قبل النفط وما أقساها ،وما أقسى لحظة تذكرها حتى.
ترفل عمّان والدوحة بالزهو والتقدم والإزدهار ،بفضل قيادتيهما الحكيمتين الواعيتين المتنورتين العصريتين ،القادرتين على المواجهة والصمود وتحقيق النصر،وحق أن نقول عن هذه الزيارة الميمونة المقبلة “نعم الضيف ونعم المضيف،و نزلت أهلا ووطئت سهلا يا صاحب السمو”،وهذا ملخص ما يمكن قوله عن زيارة أسد الدوحة الشيخ تميم لأخيه أسد عمّان جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين الذي إمتلك الجرأة وقال للظلم لا،وستكون هذه الزيارة الميمونة مريحة لكليهما كون أنهما أحسنا إختيار سفيريهما ومنحاهما لقب “سفير فوق العادة”.
ها هو سفير الدوحة ممثل سمو الأمير تميم في عمّان سعادة الشيخ سعود بن ناصر ،ينجز أخوة صادقة ،إلى درجة ان سفير الخصم الأكبر في عمّان لم يطق البقاء فيها بوجود سفير بمقام سفير الدوحة الشيخ سعود بن ناصر ،وكان هدد إنه سيترك منصبه ويغادر الأردن في حال قامت الدوحة بتعيين سفيرا لها في عمّان من العائلة الحاكمة ،وفور وصول سعادة الشيخ سعود بن ناصر سفيرا فوق العادة ،نفذ ذلك السفير تهديده ورحل ،غير مأسوف عليه،لأنه لم يترك وراءه سوى العنجهية والتكبر،بينما نتعامل مع سعادة الشيخ سعود بن ناصر كأنه واحد منا ،لتواضعه وحسن أخلاقه وسمو منزلته،أما سفيرنا فوق العادة في الدوحة ممثل جلالة الملك عبد الثاني بن الحسين سعادة زيد اللوزي ،فإنه يقوم بدوره حسب خارطة الطريق المرسومة له ،وينجز هو الآخر تكاملا مع جهود أخيه سعادة الشيخ سعود في عمّان.
زيارة الشيخ تميم لعمّان زيارة ميمونة وستكون محادثاته مباركة ومثمرة مع أخيه جلالة الملك عبد الله الثاني ، لأن العلاقات فوق الأخوية بين البلدين الشقيقين وقيادتيهما الصامدتين في وجه رياح السموم،مبنية على الصدق والمحبة والوفاء وافخلاص ،وتخلو من التكبر والفوقية والتعالي،وستؤسس هذه الزيارة الميمونة لحقبة مميزة من العلاقات الثنائية غير المسبوقة في العالم العربي المتناحر،والتي نتمى من إخواننا العرب أن يحذو حذوها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
هذه الزيارة التاريخية التي جاءت في وقت بلغ تآمر الضالين على الأمة مداه ومس العظم والمصير،ستعمل على تطوير وتعزيز العلاقات الإقتصادية والسياسية بين أردن العز والنخوة وقطر الخير والمحبة، على طريق التكامل المفقود في العلاقات العربية –العربية،ولا أبالغ إن قلت إن الهدف المشترك لهذه الزيارة هو المكافأة ورد الجميل ،فالأردن وقطر تعاملا من الأزمات المشتركة بعقلانية وبعد نظر وبأخلاق الفرسان الحقيقيين،لذلك وجب على كليهما التعامل مع مخرجات هذه السياسة بما تستحق ،وهما قادران لتوفر النوايا ووضوح الأهداف.
بعد إن خرج الأردن وقطر من تحت مظلة الأخ الأكبر الظالم الغادرة ،وجدا بحبوحة وحرية في التحرك الإيجابي البناء الذي يسهل إقامة علاقات قوية بين كليهما،وأوصلاه إلى مرحلة وجد نفسه فيها محاصرا “بفتح الصاد”وليس محاصرا “بكسر الصاد”،بعد إن ظن أنه بمحاصرته للدوحة سياسيا وتهديدها عسكريا ،ومحاصرة عمّان ماليا وإقتصاديا ،قد حقق أهدافه وبلغ مراده خدمة للأعداء ،لكن الدوحة هذه الأيام تتألق في الساحة الدولية وتزهو بأميرها الشيخ تميم،كما إن عمّان تزهو بصمودها في وجه رياح السموم، وبمليكها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين،وتزهو بإستقبال الأمير تميم قاهر الحصار، ومن كسر خشوم من ظنوا واهمين إنهم قادرون على حصاره والنيل منه ،دون علم منهم لجهلهم أنه سيقلب الطاولة على من حولها، ويقضي عليهم بالضربة القاضية ويتركهم متخبطين بسوء أعمالهم ونواياهم،وبات ينزل ضيفا معززا مكرما مهابا في عواصم صنع القرار العالمية ،بينما أعداؤه يتوارون خجلا من جرائمهم وسخط العالم عليهم لإنحطاطهم وتآمرهم على أقرب الناس إليهم ،ويحول الحصار إلى منطلق للنهضة والإزدهار ،وقد حقق المراد ،وحول صحراء قطر إلى حدائق غناء مثمرة ،وإلتف حوله شعبه والمقيمين.
لم يكن جلالة الملك عبد الله الثاني أقل صلابة في التعامل مع تداعيات حصار قطر ،من أخيه سمو الأمير تميم ،فقد ضغطوا عليه ليشاركهم جريمتهم ويقطع العلاقات مع قطر ،ولكنه تعامل مع الموقف كما يرى الحكيم العاقل ،وها هي العلاقات الأردنية القطرية مثال يحتذى في مجال العلاقات الدولية.
مرة أخرى ستزهو عمّان بسمو الأمير تميم الذي سيجد له منازل ليست ككل المنازل في قلوب الأردنيين، يتقدمهم حادي الركب سيد الجميع جلالة الملك الهاشمي، الوصي الشرعي والوحيد على مقدسات وملك الحجاز جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين.