مصطفى الشبول
عبارة وقاعدة (ثلثين بثلث) طالما سمعناها واستخدمناها بأكثر من موضع ولأكثر من شيء ،وهي تصلح لأشياء كثيرة ، فمثلاً عندما يريد أحدهم أن يتضمن أرض أو محصول (زيتون) فصاحب الأرض والزيتون مباشرة يقول: الضمان ثلثين بثلث ، أي ثلثي الناتج لصاحب الأرض والثلث المتبقي للمتضمن … وكذلك عندما تذهب إلى المحمص لشراء قهوة حلوه ، فيسأل البائع كيف بدك إياها ، فيقول ثلثين بثلث ، أي ثلثين أشقر وثلث أسود ، وإذا كان المشتري صاحب كَيّيف (كيووف) يأخذ ثلثين اسود وثلث أشقر وبزيد بهار (مشان يعدل الطاسه على رأيه)…وكذا القاعدة في الشريعة الإسلامية في تقسيم الميراث بين الذكر والأنثى في الآية الكريمة (للذكر مثل حظ الأنثيين) ، فيكون للذكر الثلثين وللأنثى الثلث مع أن بعض الناس يتعدوا على حصة الأنثى ويحرموها حقها .
أما الشيء الأهم الذي أصبحنا نستعمل معه قاعدة ثلثين بثلث هو الراتب الشهري ،حيث يخصص ثلثي الراتب لسداد الدين والأقساط الشهرية وفواتير الكهرباء والماء بالإضافة إلى مصروف الدار ،والثلث المتبقي يخصص للزيارات والمناسبات التي ما أنزل الله بها من سلطان ،…فقد أصبحنا نختلق مناسبات ليست بأساسية ولا ضرورية ونعتب ونزعل على من لا يزور أو حتى لا يحضر معه هدية، مثل ( فلانة زبط معها الحمل بدها طلّه ، ودار أبو فلان كل شهرين ثلاث بروحوا عمرة بدهم طله، وفلان نجح بالفصل الأول بالتوجيهي ، ورد نجح بالفصل الثاني بده طلّتين ، وفلانة عملت ربط معده بدها طلّه، وفلانة عملت عملية تجميل لبراطمها بدها طلّه ……).
وعلى طاري المناسبات وكثرها يذكر لنا شاب كان يدرس في روسيا وقام أحد أقاربه بزيارته ، وبعد السلام والضيافة سأل الشاب: طَمّنّي عن البلد وأهلها بعدهم بزوروا بعض وبروحوا على بعضهم وبيجوا ، فأجاب الرجل (بصوت مرتفع ) : ولك مهي أمك اللي بتجّر النسوان …(قالها من قحف قلبه ).
فهذا الشيء (كثرة المناسبات) أنهكت الفقير وأجبرته على الانقطاع عن الناس أو الاستدانة والغرق بالدَين من أجل هذه العادات ،… ونحن ليس ضد التزاور وصلة الناس ببعض لكن أن تكون ضمن أسس بحيث لا تضايق الفقير وغير الفقير ، خاصة بظل هذه الظروف القاسية من غلاء وارتفاع للأسعار … فعلينا أن لا نشترط الهدايا بكل المناسبات على قول (فلانة قديش رمت مصاري ، وفلانة شو جابت معها ، ودار أبو فلان شو جابوا هدية ) … فالفقر لا يتسلط على أحد، إنما نحن من نبحث عنه و نتسلط عليه.