د. عبير الرحباني
لعلّ الهواتف الذكية وما تحويه من برامج باتت أداة هامة في اقتناء المعلومات باشكالها المختلفة سواء اكانت ( نصوص او فيديوهات او صور او خرائط او صوت او رسوم متحركة او الرموز وغيرها …الخ )، وتخزينها واسترجاعها وإعادة نشرها في اي وقت، وفي اي مكان وعبر اي وسيلة. وهذه التطورات التي طرأت على الوسائل الرقمية الحديثة على الرغم من ايجابياتها إلا أنها هيئت الأجواء للمجرمين من انتشار الجرائم الالكترونية وإزديادها. الأمر الذي يستدعي الوقوف عندها لمواجهتها وكيفية التعامل معها.. وبالتالي فان هذه التطورات الرقمية التي طرأت على الهواتف الذكية تجعلنا نعيش حالة من عدم استيعاب مدى خطورة هذا التطور وأبعاده.
فلم يعد وحده الفيسبوك يشكل مخاطر على الأفراد فحسب، بل بات الواتساب أيضاً يشكل خطورة لا تقل اهمية عن خطورة الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي الاخرى .. الأمر الذي يفرض علينا اليوم الحذر والثقافة الرقمية في كيفية استخدام الهواتف الذكية والتي باتت اكثر خطورة ومسرحاً سهلاً لعمليات الجرائم الالكترونية.. بخاصة ماشهدناه مؤخراً من تعرض الكثيرين لاختراق هواتفهم الذكية من خلال استهداف برنامج الواتساب.
ولعلّ المقصود من عملية الجرائم الالكترونية التي شهدناها مؤخراً ليس الواتساب بحد ذاته وما يحويه من صور ورسائل ونصوص وغيرها.. بل أن الهدف الرئيس هو اختراق الهاكرز او القرصنة الهاتف الذكي نفسه وما يحويه من مخزون كبير من الاسماء والأرقام والرسائل والنصوص والصور والملفات المتواجدة عليه.. بحيث يجيدون ان الواتساب أسهل البرامج طرقاً لكثرة استخدامه وبالتالي الوصول إلى الهاتف الذكي من خلاله.
كما ان الهدف الرئيس للقراصنة والهاكرز يكمن في اختراق برامج الهواتف الذكية جميعها كالواتساب وانستجرام وسناب شات وبخاصة برنامج الفيسبوك والذي يتم استخدامه من خلال الهواتف الذكية.. وبالتالي يترك مفتوحا من قبل المستخدم من دون إغلاق الحساب.. الأمر الذي يسهل على الهاكرز اختراق حساب الفيسبوك للاشخاص عندما تتم عملية اختراق الهواتف الذكية والإعتداء على كل ما احويه من خصوصيات للإشخاص.. وهذا الشكل من الجرائم لم يعد اختراقاً الكترونياً للاخرين فحسب.. بل بات إعتداءاً الكترونياً على خصوصيات هم أيضاً والتي معظمها تتواجد عبر هواتفهم الذكية.
ويؤكد خبراء تقنيون بان كل هاتف ذكي أو جهاز لوحي يحتوي على بعض الثغرات الأمنية التي يتم من خلالها اختراق نظام التشغيل من قبل القراصنة باستخدام الفيروسات أو أي نوع آخر من أنواع البرامج الخبيثة المخصصة للاختراق والسيطرة على الهواتف أو الأجهزة اللوحة.. وان أكثر الأشخاص المستهدفين في الاختراقات الأمنية هم الأشخاص الذي يقومون بتصفح الإنترنت عبر هواتفهم، حيث يسبب هذا الاختراق مشاكل مزعجة مثل بطء حركة التصفح وانقطاعه على فترات منتظمة.. بحيث يتعذر الدخول إلى البيانات.. وفي أسوأ الأحوال يمكن اختراق المعلومات الشخصية والبيانات المتداولة ضمن عمليات البيع الإلكتروني عبرها.. والكثير من المستخدمين يقومون بالدخول عبر الهاتف إلى حساباتهم في الفيسبوك وتويتر وغيرها للتواصل مع الأصدقاء عبر تطبيقات غير رسمية، مما يجعلهم هدفاً سهلاً للاختراق من قبل قراصنة الهواتف، وذلك لأن الهواتف الذكية حالها كحال أجهزة الكمبيوتر تعتمد في إتصالها بشبكة الإنترنت عبر بروتوكول الإنترنت IP.
والجدير ذكره في هذا الإطار، بأنه قد صدر برنامج تجسسي جديد موّجه نحو الهواتف النقالة العاملة بنظام “آندرويد”، قادر على تسجيل المكالمات الصوتية، واستخدام الكاميرا لتسجيل الفيديو من دون علم الضحية.. ونسخ الصور والرسائل، وسرقة البريد الإلكتروني وحساب “فيسبوك”، والكثير من آليات التحكم الأخرى. ووفق قاموس الخبراء التقنيين يندرج البرنامج التجسسي الجديد ضمن فئة “الجرذان وهو اختصار لعبارة “أداة الإدارة عن بعد”.. وهي برامج ذات واجهة تحكم يستخدمها صاحب البرنامج لسرقة البيانات من الجهاز الضحية. ويطلق على البرنامج الجديد اسم “ديندرويد”، وقد عرض للبيع مقابل 300 دولار فقط. بالإضافة إلى قدرته على التحكم الكامل بالهاتف، والوصول إلى جميع البيانات فيه.. وبالنسبة للإجراءات المطلوبة لتحاشي وصول هذا البرنامج إلى الجهاز المحمول، ينصح الخبراء بالالتزام بالخطوات الأمنية الوقائية الاعتيادية. وذلك من خلال تجنب تحميل التطبيقات والبرامج من مصادر غير موثوقة.. واستخدام برامج مكافحة الفيروسات الخاصة بالأجهزة النقالة.
وعودة مرة اخرى الى ما شهدناه مؤخراً من جرائم الكترونية من حيث اختراق برنامج الواتساب .. حيث يعتبر هذا النوع من الجرائم “جرائم حديثة” وعمرها في الشرق الاوسط ما يزيد على عشرة أعوام بقليل، وهذه الفترة الزمنية تعتبر محدودة حتى الآن.. ولم تأخذ حقها في الطرح والمعالجة كما يجب في العالم العربي، وبخاصة محلياً، بحيث تحتاج الى فهم جديد على المستويين القضائي والتقني، والى ايجاد محاكم رقمية – الكترونية متخصصة في هذا المجال، لمعالجة هذه الظاهرة الجديد والخطيرة في آن واحد. حيث نجد أزدياد إنتشار الجرائم الإلكترونية من خلال تلك الهواتف والتي لا تقل اهمية عن الجرائم لاقتصادية وغيرها من الجرائم الاخرى.