عبدالهادي راجي المجالي
جرش
بقلم:عبد الهادي راجي المجالي
لي صديق من جرش اسمه (قاسم العتوم) ,وأنا زرته هذا العام ..وهو بحد ذاته مهرجانا , أصلا قاسم لديه ثراء ثقافي أكثر من المهرجان ذاته .
قاسم شاعر , ويجيد العزف على العود ..وكان صديقا مقربا من الراحل حبيب الزيودي ..و حين نزوره في جرش , يوقد لنا النار ..وينثر المناسف على طول المدى ويحيطنا بالحب .
بالنسبة لي أنا لا أعرف كاظم الساهر شخصيا , ولكني أعرف قاسم ..وعود قاسم يطربني أكثر من ألحان كاظم … وأنا لا أعرف نجوى كرم , وأجزم أنا قاسم أهم من نجوى …فهي لا تجيد طبخ المناسف على الحطب , هي اصلا لا تعطيني (تنكة) زيت بعد كل زيارة ..بالمقابل قاسم يضع في السيارة تنكة زيت .
حاول مرات أن يعطي ألحانه لبعض المطربين , ولكنهم تمنعوا ..يبدو أن الملحن لدينا يجب أن يكون اسمه (توني) , ويجب أن تحتوي الأغنية على كلمات من شاكلة (جرصوني دمعاتو) ..أو ( ما بلبئلك ) .
ما علينا المهم أن قاسم العتوم أخي وصديقي , وأنا في حياتي لم أطرب لعود مثل عود قاسم , ولم أشرب شاياً مذاقه أزكى من مذاق شاي قاسم الذي يقام على الحطب ويعشق رائحة النار…ولم ألمح قسمات أردنية في وجه أحد مثلما لمحتها في وجه قاسم .
حسنا …أحضروا ماشئتم من النجوم (…) وما فائدة جرش حين يغيب الإنسان الأردني عنها ..هي بنيت بسواعد أهلها , ونبت زيتونها من مائهم , ورصفت شوارعها بعرق جبينهم …
حسنا ..جرش يحتاج لإبراز الشخصية الأردنية من خلاله , يحتاج لأن نقوم ببث رسالتنا عبره …. فالثقافة قبل الفنون ,هكذا سمي حين انطلق في بداية الثمانينات ..
دعوني أختم مقالي بأمر مهم ,وهو أن الدولة لها سيادة على الأرض والبر والبحر وحين أسست وزارة الثقافة أسست لغاية بسط السيادة على الوجدان أيضا …فهي مؤتمنة على هويتنا الثقافية ووجداننا الوطني …ونجوى كرم لا تصنع وجدانا ..صدقوني أن قاسم العتوم وحده يعبر عن وجداني وهويتي أكثر من مهرجانات جرش كلها .