د. علي منعم القضاة
تعرضت البشرية على مدار التاريخ لأنواع شتى من الأوبئة والفيروسات، بعضها كان أشد فتكاً من كورونا، ومن سارس، ومن كل أنواع فيروسات الأنفلونزا التي عرفناها في عصرنا مؤخراً من فيروسات، فلطالما مات ملايين البشر بالأوبئة من مختلف شعوب العالم المختلفة بالأوبئة، ولكنها اختفت وتلاشت ولم نعد نذكرها إلا من قبيل التدليل أو الإشارة إليها.
حار العلماء في إيجاد لقاح لفيروس كورونا، وتغافلوا عن بعض الأسباب التي تحتاج إلى مقدمات كثيرة، وأرضية نقية، كي يرتفع البلاء ويجف الوباء، فقد أخذنا بكل الأسباب العلمية والصحية، وهذا هو الشيء الطبيعي، ولكن جذور الابتلاء الحقيقية، هي أن الظلم عم كل بقاع الأرض، وأن الفساد ساد فيها، حتى تجاوز البشر إلى الحيوان والحجر والشجر.
تشير كثير من الأخبار، وتتناقل وكالات الأنباء، ومنصات التواصل الاجتماعي، معلومات وتسريبات مفادها: أن “بيل جيتس” وخبراء الديجيتال يقفون وراء الانتشار الواسع لفيروس كورونا، لإيجاد لقاحهم الديجيتال (Digital)، كما تصورها بعض الأفلام الهوليودية، حيث يكون هذا اللقاح على شكل شريحة بيانات تسير البشرية فيما بعد كالريبوتات، من خلال المجال الكهرومغناطيسي والأقمار الصناعية، ولن يكون لقاحاً بقدر ما يكون آلية جديدة للسيطرة على الكون والإنسان والحياة، حتى تفقِدَ البشرية الوَعْيِ والإحساس والشعور والوجدان، وستسعى حكومات عديدة إلى تعميم وفرض اللقاح الديجيتال على مواطنيها، زعماً منها أنه حرص على المصلحة العامة.
كورونا ستختفي بإذن ربها! ولكننا يجب أن نجد مقدماتها؛ بأن نجد قبلها: لقاحاً ضد الظلم وأن نصنع لقاحاً يقيم العدل!، وأن نبتكر لقاحاً! ضد الفساد ! الذي عم البر والبحر؛ كما في قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ ي يَرْجِعُونَ}!.
لذا؛ يجب أن تتجرع البشرية لقاحاً ينهي مأساة الشعوب بلدات العربية المنكوبة بلدانها والمغتصبة. وكذلك واجب علينا أن نتناول لقاحاً ضد النفاق! الذي خرب البلاد والعباد! وأن نصفع المنافقين! والمسحجين والمطبلين، بلقاح ناجع لمرض قلوبهم ونفوسهم، ثم علينا أن نقطع ألسنتهم! علينا أن نتجرع تجرع لقاحاً يحث على صلة القربى، ووصل الأرحام! وأن نكثر من لقاح ينبهنا للتعامل بأمانة مع حقوق الناس، وأموالهم، وممتلكاتهم! ساعتها فقط ستختفي الكورونا بأمر ربها!
أظن أن كل دول العالم اتخذت الإجراءات الوقائية اللازمة، بعضها أشد قسوة من الفيروس نفسه، بما فيها الحظر الشامل الذي تسبب بأضرار كبيرة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية، والتعليمية، والدينية، وهذا شكل الكوارث الحقيقية في بعض المناطق.
ومن أجل ذلك؛ علينا أن نجفف منابع كورونا بحق، سواء كنا شعوباً، أم حكومات، بزيادة الشحنة الإيمانية لدى المجتمع، وحمل الأمر على محمل الجد، وأن تترك الحكومات مجالاً للإيمان الحقيقي، كي يحيا بحرية في نفوس الناس، وأن تضع شعار، (العدل أساس الملك) في قلبها وعقلها وعملها وعلمها، وأن تمنع الفساد في الأرض بكل السبل، لذلك عليها أن تمتثل إلى قول نبينا الكريم – صلى الله عليه وسلم- : (إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد).