الصحفي حازم الخالدي
منذ أن فكرت جنوب أفريقيا برفع دعوى قضائية في محكمة العدل الدولية ضد “إسرائيل” لارتكابها جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني ، بدأت الآلة الدعائية الصهيونية بشن حملة ضد جنوب أفريقيا وتشويه صورتها.
ومع انعقاد أولى جلسات محكمة العدل الدولية في لاهاي ،كثفت الصهيونية من حملاتها ضد جنوب أفريقيا، لأن ما فعله هذا البلد الأفريقي، البعيد جغرافيا وتاريخيا وحضاريا عن فلسطين، لم تفعله الدول العربية والإسلامية على مدى ٧٥ عاما، وليس من المستغرب دعمهم للمقاومة الفلسطينية فتاريخهم النضالي من أجل التحرير وراء دعمهم للفلسطينيين.
أصبحت جنوب أفريقيا بعد ما قدمته في المحكمة من أدلة على ارتكاب “إسرائيل” لعمليات إبادة جماعية في غزة، بأنها معادية للسامية، وهي اسطوانة مستهلكة من قبل الصهاينة الذين يشوهون أي دولة أو مؤسسة تنتقد ممارساتهم العنصرية وانتهاكاتهم المستمرة بحق الشعب الفلسطيني، وباتت جنوب أفريقيا من وجهة نظر الصهيونية، مؤيدة لحماس “الإرهابية التي تريد إبادة اليهود”، وذراع قضائي لحماس التي امتد نفوذها للسيطرة على بلد مثل جنوب أفريقيا، “في حين أنها لا تملك حتى القدرة على الدفاع عن نفسها”، حسب الادعاءات الإسرائيلية.
الدعاية الصهيونية التي تستخدم أدواتها مثل الآلة العسكرية المجنونة التي تفتك بأبناء غزة ، ستزداد قوة ضد جنوب أفريقيا ، فلن نتفاجأ بزعم الكيان المحتل بأنه كشف عن وجود أنفاق تحت الأرض تربط غزة بجنوب أفريقيا، ولن نستغرب من هذه الدولة المزعومة بأن تتهم جنوب أفريقيا بأنها أصبحت مركزا رئيسيا لقيادة حماس، ومركز التحكم لهذه الحركة، ولن نتفاجأ بحملات التشويه ضد جنوب أفريقيا، بأنهم سبق أن استقبلوا أعضاء حركة حماس في أراضيهم ولديهم استعداد لاستقبالهم بعد خروجهم من غزة.
الحرب الدعائية الصهيونية لا تترك أحدا، ولا تريد أن يخرج أي صوت مهما كان بعيدا عن توجهاتها وحتى لو كان من جنوب أفريقيا البلد البعيدة عن فلسطين، فمجرد اقتراب قادة حماس من جنوب أفريقيا، فهذا يعني الحاق الضرر بمكانة جنوب أفريقيا وتقدمها العلمي والاقتصادي..
هذه المحكمة كانت أكبر من كل الوسائل فقد لخصت للعالم مضمون القضية الفلسطينية وسلطت الضوء على جرائم الاحتلال وأضعفت نفوذه وتأثيره،وأضعفت الصوت الصهيوني في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث تزايدت فيها المظاهرات وانتفضت المجتمعات ضد “إسرائيل” وضد الشركات التي تسلح جيش الاحتلال وضد الابادة الجماعية التي ترتكبها قواته، وكشفت نفاق بعض الدول والمعايير المزدوجة في التعامل مع الحالة الفلسطينية.
هذه الحملة ليست ضد جنوب أفريقيا وإنما موجهة لكل بلد يقف ضد “إسرائيل”، ويحاول أن يقف مع الفلسطينيين ويدعم حقهم في العيش على أرض وطنهم ، فالصهيونية ظلت تشوه وتكذب وتزيف الوقائع على مدى سنوات الصراع، واليوم تريد أن توجه رسالة لأي دولة تقف ضدها ؛ عليها أن تفكر في الأمر جيدا قبل أن تعمل على تشويه صورتها.
جنوب أفريقيا في خندق المقاومة ضد الاستعمار، فقد نزعت الشرعية عن نظام الفصل العنصري الذي حكمها لسنوات طويلة، واليوم تنزع الشرعية عن الاحتلال في فلسطين.