سهير جرادات
كم يزعجنا ويؤرقنا حارس العمارة .. فهو يقوم بعمل ما يريد..لا يستشيرنا ..ولا يمتثل لأوامرنا، ومطالبنا لا تُنفذ .. يَفرض على سكان العمارة ما يريد ، ويُغير القوانين بما تخدمه مصالحه، ولا يأخذ بعين الاعتبار أننا نعيش معا في العمارة ذاتها !! وأن وجوده بسببنا ، واقامته على اسم سكان العمارة .. وهناك شروط أبرمت عندما تم استقباله من قبل سكان العمارة لأول مرة (منذ زمن)، بأن يخدم العمارة وسكانها ويحترمهم وينفذ مطالبهم ، ويحافظ على حقوقهم ، مقابل أن يتولى الوصاية ويحرس العمارة.
الصراحة ؛ الحق على سكان العمارة، الذين تغاضوا عن زلاته، ولم يحاسبوه على غلطاته ، وسكتوا على خروقاته لقوانين العمارة، وعبثه بدساتير العمارة المطبقة منذ فترة على جميع حراس العمارة .. وتغاضيهم عن ممارساته غير المسؤولة ، وغض الطرف عن ممارساته السيئة بحق العمارة وسكانها.. فكان على مرأى منهم يبيع بعض موجودات العمارة .. اذ فك خزانات الماء وباعها .. وتطاول بعدها على مولدات الكهرباء وباعها للغريب ووضع ثمنها في جيبه .. وتطاول على ماتورات التدفئة، فأجَّر بعضها وباع بعضها الآخر لغرباء .. كان يسرق السكان (عينك عينك ) بفواتير الماء والكهرباء ومصاريف الخدمات ، ويتحكم ب “طرمبات ” الماء فيعطلها فترة ، ويفتحها لمن يريد من سكان العمارة ، ويحجبها عن بعضهم .. حتى بئر الماء كان يغلقها عن سكان العمارة الذين لا يخصونه ، ويفتحه للسكان من اتباعه دون وجل أو خجل .. والفواتير تُقسم وتحصل من الجميع ، ويستفيد منها الموالون والتابعون فقط.
وفي كل مرة يثور فيها سكان العمارة على تنصل حارس العمارة من مهامه وعدم ” شطف ” العمارة ، الأمر الذين “يفسد” الجو العام جراء تراكم القاذورات .. وما أن تتعالى أصوات السكان حتى يبدأ حارس العمارة بخداعهم بأنه بريء من القذارة، والحال الذي وصلت اليه العمارة .. ويبدأ بشطف العمارة .. ويضع خطة “ترويجية” للقضاء على الفساد العام في العمارة ، ويعلن البدء عن تنظيف العمارة من القاذورات ، ويطلب من السكان الذين يسرون لهذا الخبر ، أن لا يغادروا شققهم، ولا يتحركوا داخل العمارة حتى لا يعوقوا عملية التنظيفات الداخلية من الفساد والقاذورات التي تفشت في العمارة ..
ويصدق السكان، ويبقون داخل شققهم ويلتزمون بالأوامر رغبة منهم بالوصول للنظافة، التي يرجونها لعمارتهم التي يحبونها ودفعوا فيها دم قلبهم؛ هم أو آباؤهم وأجدادهم ، وما أن تمضي بعض الأيام حتى ييأس السكان ويغادرون شققهم في محاولة لعودتهم لمزاولة حياتهم ، وينعمون بنعمة التنقل داخل عمارتهم بعد زوال الاوساخ والقاذورات التي انتشرت بموافقة وعلم من الحارس..
ليتفاجأ السكان بأن حارس العمارة يوهمهم بأنه يقوم بعملية التنظيف الداخلي ، وإزالة الأوساخ المتراكمة ، وأن كل ما يفعله لا يتعدى ضجة إعلامية داخل العمارة ، وأن عملية التنظيف لا تتعدى “البدرون ” أو ما يعرف ب” بير السلم ” ، وليس أكثر من زوبعة في” بير السلم” ، والوسخ يبقى منتشرا في العمارة حتى عم جميع الطوابق ..
وهكذا ، تبقى المشاكل بين السكان وحارس العمارة قائمة .. لإلهاء السكان بمشاغل الحياة ، وبسبب ضعفهم وسكوتهم المتراكم على تمادي تصرفات الحارس بعد أن ضمن عدم محاسبته ، رغم أنه من حقهم محاسبته ، إلا أن سيطرة الحارس على ” الآبار” بحيث يغدق على الموالين ، و” يجفف المنابع ” عن كل من يخالفه ، حتى يستسلموا طلبا للإمدادات أو أن يصمدوا ..
على الرغم من أن سكان العمارة هم من يدفعون راتب الحارس ، إلا أنه لا يخشاهم ، ولا يلبي طلباتهم ولا يقوم بعمله المطلوب منه، بل يحكمهم ويتجبر بهم من خلال سرقة مالهم وقوت عيالهم، ويفرض سيطرته على أرزاق وأمن وآمان سكان العمارة، من خلال زرع الفتن بين السكان ، وممارسة أسلوب محاباة سكان على حساب آخرين ، وكل ذلك مقابل أن يستفيد من حالة السكان في الخلافات بينهم ، بحيث يبقى في موقعه حارسا للعمارة .. يسيطر عليها وعلى سكانها .
ويبقى هذا حال جميع سكان العمارات مع الحراس من العمالة الوافدة .