امجد فاضل فريحات
أميركا لن تسمح لروسيا بأخذ البترول السوري لوحدها إذ لابد من المحاصصة ، في الحرب القادمة على سوريا قامت أميركا بأدخال بريطانيا وفرنسا كشريك مستقبلي كون هذه الدول لها خبرة استعمارية في المنطقة منذ أيام وعد بلفور وإتغاقية سايكس بيكو ومعاهدة سان ريمو ، كذلك بهدف الوقوف في وجه الدب الروسي .
من يقرأ التاريخ اﻹستعماري في القرن التاسع عشر على الوطن العربي جيداً سيجد أن التاريخ يعيد نفسه ، ففي كل مرة دخل بها اﻹستعمار إلى أي منطقة عربية كانت له لعبة رئيسية تقوم على مبدأ فرق تسد ، والتاريخ مليء باﻷحداث مثلما أنه ذاكرة الشعوب ، والتاريخ يذكر ألاعيب نابليون بونوبارت عندما دخل مصر في الحملة الفرنسية على مصر حيث قام بجمع العديد من أعيان مصر وقربهم إليه وأوهمهم بأنه ما أتى إلا لكي يخلص أمة محمد من شر المماليك ، وصدقوه ، وبعد ان قويت أركانه ، وكثر أعوانه قام بزج من طمعهم بأكاذيبه في السجن .
هكذا وفي كل مرة يكون مصير الخون والجواسيس والمتآمرين على أوطانهم سواء من الحكام أو من الرعية إما العزل على أيدي شعوبهم وإما السجن أو اﻹعدام على يد المستعمر أو باﻷحرى على يد أميركا كما ذكر القذافي ذات يوم للرؤساء العرب في أحد مؤتمرات القمة .
اﻷمثلة كثيرة في هذا الجانب ولا مجال لذكرها هنا ﻷنها ليست المقصودة في هذا المقال بل المقصود هنا ، هل سيسمح الدب الروسي للكاوبوي اﻷميركي بتحقيق أهدافه المتمثلة باﻹقتراب من العمق اﻹيراني بعد إحتلال سوريا وزرع اﻷسلحة الذرية على خط التماس مع ايران وضدها ومن ثم خدمة اليهود بالدرجة اﻷولى لتحقق لها اﻷمن اﻹستراتيجي في مجالها الجغرافي ، إلى جانب السيطرة على ثروات سوريا الطبيعية ، بعد إعطاء جزء منها لشريكها الفرنسي والبريطاني كما فعلت سابقاً في العراق بعد إحتلاله عام 2004 .
روسيا لن تسمح لهذا اﻹحتلال أن يمر مر الكرام ، فهي وﻷول مرة في تاريخ القرنين السابقين تجد من يرحب بها في المنطقة العربية ، وهذا لم تتعود عليه في السابق ، وقد عانت سابقاً وذاقت اﻷمرين عندما كانت تحاول الوصول للمياه الدافئة والخروج من مياهها المتجمدة عبر مضيقي البسفور والدردنيل ولم تسمح لها الدولة العثمانية والتي منعتها من الوصول لبحر الخزر والبحر اﻷسود ، حتى صنفت روسيا اﻷرثوذكسية بذلك الوقت بأنها من ألد أعداء الدولة العثمانية ، اما اليوم فهي مرحب بها داخل العمق العربي السوري ، وهذا الترحيب سيسهل لها مهمتها حتى لو على حساب الشعب السوري ﻷن الغاية لجيهم تبرر وسيلتهم .
على الرغم من كل هذه التحليلات المرتبطة بالتاريخ ، إلا أنه يقال أن السياسة بلا دين ، وكل يوم تتبع الديانة التي تحقق أطماعها ، والمقصود هنا انه قد يتفق جميع الغزاة ويوحدون اسعارهم ، ﻷن مصالحهم واحدة وﻷن ملة الكفر واحدة .
وسط الحرب القادمة لا محالة على سوريا تبقى هناك اشياء مخجلة ومخزية بنفس المقام وهي أن الحكام أصبحوا هم من يشجعوا على قدوم اﻹحتلال لبلادهم من أجل الحفاظ على عروشهم المهترئة ، وأصبح بعض الحكام العرب يعاونون المحتل ويمهدون لهم الطريق للدخول لدول عربية أخرى إعتقادا منهم بأنهم سيسلمون ذات يوم ولا يدركون أن المحتل مثله كمثل القرد عندما يتضايق من خطر ماء يقوم بوضع إبنه أمامه إتقاء للخطر .
على العموم سيذكر التاريخ أمثال هؤلاء بالعديد من كلمات الخزي والعار وسيخلدون في متاخف الخيانة والخسة والتواطئ مع المحتل الغاشم والتاريخ لن يرحم .