أمل الكردي
كم من رجل يمر بالف وكم من الوف تمر بلاتعداد
ولد وصفي التل في كردستان العراق عام 19 كانون الثاني 1919 م أما الصحف والوثائق تشير أنه ولد عام 1920م، أبوه شاعر الأردن مصطفى وهبي التل الملقب بعرار وأمه منيفة إبراهيم بابان كردية الاصل. أنهى أبوه دراسته في مدرسة عنبر في دمشق والتحق بقطاع التعليم في العراق، وهناك تعرف بأمه، بعد ولادة وصفي التل عاد أبوه إلى الأردن ليدرس في مدارسه، قضى وصفي بعض طفولته في شمال العراق ليعود إلى مدينة والده إربد بعد بلوغه السادسة من العمر، تلقى تعليمه الاساسي في الاردن ويبقى متنقلا مع والده في ترحاله وتدريسه وانتقل للدراسة في الجامعة الامريكية في بيروت.
كان وصفي التل يحمل هموم الوطن ويعمل ويفكر بكل جراءة وكان يؤمن بأن الوطن لا يعرف المجاملة ولا يحمل بنفسه الشيء ونقيضه، فكانت رؤيته تشير دائماً الى سيادة الاردن على ارضه وسكانه. ولعل أبرز مراحل نضال وصفي كانت في مشاركته القوية في قيادة اللواء الرابع (اليرموك) التابع للجيش الانقاذ في حرب 1948م ومعركة الشجرة 1948م وهي تشهد على بطولة وبسالة وصفي الاردني العربي المؤمن بقوميته والذي اصيب في تلك المعركة بساقه.
وفي عام 1971م تجلت افكاره بإنشاء الاتحاد الوطني الاردني الذي ظهر للعيان في ايلول عام 1971م ويعد المرحوم وصفي التل من ابرز الشخصيات السياسية الاردنية حيث تولى منصب رئيس الوزراء في اعوام 1962 و1965 و1970 وعرف باخلاصه وولائه لقيادته الهاشمية وعشقه لوطنه وامته العربية ووحدتها، استمر وصفي عند استلام الوزارة عام 1962م وبدأ حملة تطهير واسعة في أجهزة الدولة واستمر بعمل الترتيب الداخلي فشهد له بانفراج سياسي كامل وانطلاقة التل القومية.
قدم وصفي للقضية الفلسطينية الكثير الا انه كان محطة انتقام للبعض. واغتيال وصفي لم تكن الاؤلى بل تعرض الى حادث اغتيال اخرى كما روتها مجلة جويش ابزيرفر اللندنية في عددها الصادر 15111966م عن محاولة جرت لاغتيال رئيس الوزراء الاردني وانها جرت يوم الجمعة في الساعات الاؤلى صباحاً على الطريق الرئيسية بين عمان والقدس في نقطة تقع غرب احد المعسكرات الكبيرة للأجئين في الاردن الواقعة في ضواحي اريحا وانه لم يصب بل اصيب ثلاثة اشخاص واحدهم توفي في مستشفى القدس وكتبت الجريدة بأن التحريات ان خطة الهجوم كانت تستهدف الملك فقد اذيع رسمياً ان الملك حسين طيب الله ثراه سيسافر صباحاً الى القدس لتأدية صلاة الجمعة ولكنه غير رأيه يوم الخميس وبعددها شددت الحراسة على الملك ورئيس الوزراء ووزراء اخرين.
ولكن قدر الله وما شاء فعل بعد عودة رئيس الوزراء للمقر اقامته في شيرتون القاهرة في 28تشرين الثاني 1971م رمته الرصاصات عل درجات الفندق فسقط شهيداً للحق والواجب وان كانت تلك الرصاصات نالت من وصفي من أيدي غادرة وجبانة فإن وصفي رجلاً قلت أمثاله مثالاً للتضحية والوفاء وللأمة والوطن وهنا وفي كل موضوع يكتب عن وصفي لا بد من كتابة أسماء الجبناء الذين قتلوا وصفي حتى تبقى اسماؤهم بذاكرة الجبناء أمثالهم بأن وصفي خلده التاريخ واسمائهم بقيت تذكر في تاريخ قذر ممتلىء بالخيانة والغدر.
نتذكر وصفي التل ونحن نخجل من قيام البعض منا بتشويه تاريخه واستغلاله لأفكار ومصالح ضيقة، ونؤكد مرة أخرى بأن على جميع الأردنيين والعرب أن يعرفوا وصفي التل الحقيقي وهذا دور المؤرخين والباحثين الأردنيين الذين قصروا كثيرا في توثيق حقيقة هذا الرجل المتميز وهو بكل تأكيد النموذج الذي لم تسمح الظروف والإرادات بتكراره حتى الآن، رغم كل إدعاءات المتشبهين به رحم الله وصفي وتبقى ذكراها في ذاكرة الاردنيين شعار تستمد منه معاني التضحية والوفاء.