د. علي السعد بني نصر
ذكرياتي بالجنوب …
على مدار اليومين الماضيين تشرفت برفقة أعضاء اللجنة الصحية في مجلس النواب بزيارة ثلاثة محافظات ( الكرك. .العقبة ..معان ..) وخلالها زرنا عدد من المراكز الصحية والمستشفيات التابعة للوزارة والخدمات الطبية الملكية ..وسبق وان تحدثت عن ذلك بالمنشورات السابقة وبالتفصيل ولكن ما أريد الحديث عنه اليوم الشعور الذي انتابني عندما دخلت أول مركز صحي في وادي عربة حيث عادت بي الذاكرة إلى بداية خدمتي بوزارة الصحة قبل ما يزيد عن ثلاثين عاما حيث قضيت حوالي ثلاثة سنوات في مركز صحي آيل والذي يقع بين مدينة معان ووادي موسى ..
وكنت أقوم بتغطية خمسة مراكز فرعية تتبع للمركز ومن ضمنها عيادة دلاغة والتي تقع على مشارف وادي عربة …شعرت بشعور غريب وكأنني اليوم أعالج الأهل هناك واللذين مازالوا هم وبنفس البساطة والظروف الاجتماعية والطيبة والكرم بالرغم من ضيق الحال وقلة الفرص سواء الوظيفة أو غيرها …نعم هم بحاجة للدعم وتوفير ظروف أفضل للحياة وفرص عمل صحيح يوجد بنية تحتية مدارس ومراكز صحية وطرق وماء وكهرباء …
وقبل ثلاثة عقود أيضا كانت موجودة ولكن الملحوظ أيضا هجرة أبناء هذه المناطق منها وصعوبة أن يعود لخدمتها ولو مؤقتا. ..فما بالك بأبناء عمان وغيرها من المناطق ..لذلك واجب علينا أن نفكر وبصوت عالي كيف نجعل وتشجع هؤلاء للخدمة في هذه المناطق .من إيجاد سكن وظيفي مناسب وحوافز مادية مناسبة ومواصلات وغيرها …أقول عن نفسي أنني نتيجة صعوبة المواصلات في ذلك الوقت وبعد المسافة بين عجلون ووادي موسى / آيل( 400).كم .
سكنت في قرية آيل التي كانت قرية رائعة وطيبة أهلها وبرودة طقسها /جبال الشراه. .وكوني متزوج حديثا إلا أنني أثرت السكن لخدمة الأهل وعلى مدار الساعة….ولست نادما بل على العكس فخور بما قمت به وما زالت العلاقات والصداقات مستمرة لليوم …ولكن الحياة اختلفت بالنسبة لشباب اليوم فأصبحنا وبصعوبة بالغة نجد من يقبل بالخدمة هناك بالرغم أن الأهل في مناطق وادي عربة وغيرها من قرى الصحراء التي نعتز ونفتخر بهم بقوا كما كانوا عليه من طيبة وانتماء للأرض التي ما زالوا متمسكين بها بالرغم من قساوتها. .نقول نعم علينا واجب خدمتكم ومهما كانت الظروف وعلينا أن نجد السبل الكفيلة لتحقيق ذلك ….
شكرا لكم أهلنا أهل الصحراء خلال زيارتي لكم شعرت أنني عدت إلى أيام الشباب وحياة الصحراء الجميلة التي عشتها بينكم على مدار ثلاثة أعوام بحلوها وبردها القارص والأمس عندما شاهدت تساقط الثلوج في رأس النقب تذكرت آيل وبرد جبال الشراه. عندما كانت تتفجر أنابيب المياه ونجمع الثلج ونضعه على النار للحصول على الماء …ذكريات ولا أجمل بعد هذا العمر من الخدمة في الوزارة ….والتي بدأت بالجنوب وبعدها عجلون وجرش واربد وأخيرا عمان وجميعها ستصبح ذكريات ويبقى الوطن غالي عزيز علينا من شماله إلى الجنوب ومن شرقه إلى غربه. …فالوطن واحد وخدمته شرف وواجب…