سهير جرادات
” ذَبَحْنِي ” وصفك يا العسكري للوطن وتغزلك به .. فانت تراه وتحبه بصورة مغايرة لما يراه ويتمتع به الطامعون بخيراته والمتكسبون منه ؟!.. من وضع في قلبك كل هذا الحب والحنية وغرس فيك كل هذا الوفاء والانتماء؟!.. فيما نسي أولئك المنتفعون من الوطن الناهبون له معنى الوطن وهم يسرقونه ويدمرونه ؟! هل لان جذورك انت ورفاقك (ضاربة) في أرض الوطن ، وتدركون قيمة الوطن واهميته ؟!.. فيما (هؤلاء) الفاسدون فإن وطنهم حقيبة وهم في حالة سفر دائم ..
“أوجعتنا” يا العسكري ، بدمعتك الغالية .. ولا ندري هل دمعك خوف على الوطن .. أو دمعتك على فقدان زميل عسكري ترجل واستشهد .. أو هي دمعة حزن على مستقبل اطفالك في حال استشهادك وحرقة قلب أمك ؟!!..
في أي مدرسة وطنية جليلة تعلم هؤلاء العسكر ؟!.. واي معلم ومعلمة اجلاء تربواعلى ايديهم ؟!.. أصحاب المعنويات العالية والمشاعر الصادقة وأصحاب الرجولة والنخوه .. الاوفياء الذين لا يتخلون عن أصدقائهم ، إلا في حالة ذهابهم لأرض الحرب .. ورغم اكتشافكم بأن الوطن سرق اثناء حمايتكم لحدوده ، من قبل (المستجدين على الوطن ) الذين ينعمون بخيراته .. إلا أنكم تبقون أسيرين للوطن وحب الوطن ، وتخفون حسرتكم في قلبكم على وطن خدمتوه لينعم به غيرهم ، ليبقى الفقر رفيقكم ، ولقمة عيشكم شغلكم الشاغل ، ويبقى الوطن همكم الوحيد..
تدري ، شو اللي “ذبحني” وأنا أتخيل حالتك بعد التقاعد .. عندما “يلقى” بك على قارعة طريق الفقر وتجد نفسك من جديد بين صفوف البطالة ، تحيطك بك الالنزامات المالية وكلف المعيشة المرتفعة مقابل راتب تقاعدي (ضئيل) ، لتكتشف بأن مواجهة الحياة مسؤوليتك (وحدك )، تماما كما كانت حماية الحدود مسؤوليتك (وحدك)، فيما هؤلاء المتكسبون والفاسدون يعيشون حياة رغدة ..
يا العسكري ، هيبتك (جفلتهم).. وكلامك ( عراهم ) وعزة نفسك ( أرعبتهم ) .. لانك تؤمن بعقيدة العز والكرامة التي افتقدوا لها منذ زمن ، لان الفاسد والمتكسب لا عقيدة له حتى باتوا اشباه رجال لا يمتلكون صفة من صفات الرجال التي اصبح يشار اليها في هوية الأحوال المدنية بخانة وترميز رقمي !!
يا حراس “الحد ” ايها العاملون في ميادين الشرف والبطولة .. عذرا نحن نجهل ظروف عملكم ؟! فأنتم تخدمون في ظروف صعبة وسيئة مقابل (دنانير قليلة) ..ولم نكن ندرك مقدار الصعوبات التي تواجهونها .. ولا نعلم مدى جاهزية الآليات المصفحة والمحموله والناقلات الموجه والطائرات العمودية ، ومدى توفير أجهزة الرؤية الليلة والنهارية ، وهل هي كافية لتغطية منطقة المسؤولية المتسعه؟!
يا رب ارزقنا محبة في قلوبنا كمحبة حماة الوطن .. هؤلاء القابعين في الساتر الحدودي .. حيث يفترشون أرضه ويلتحفون سماءه .. ويحرسون حدوده بعيونهم .. وتصبغ اجسادهم حرارة شمس الوطن ، وتبتل بدلاتهم العسكرية بأمطار سمائه .. يعملون في ظروف صعبة دون تخصيص علاوة لهم !!.. ويتقاضون كالبقية من زملائهم (علاوة ميدان )، دون تخصيص ( علاوات ) مضاعفة لمن يخدم في حرس الحدود.
نعم صحيح .. قولك يا العسكري : هالبلد مالنا غيره .. و من لا يحمي ارض بلاده لا يستحق العيش تحت سماه .. فالوطن ليس جنسية على ورق ولاشعارات .. ومن يحب الوطن لا يسعى لشهرة ولا لعرض البطولات ، لا يبحث عن النجومية والولاءات المزيفة..
نعتذر منك يا( شهيد الحد) .. كما نعتذر لرفاقك الذين ( استشهدوا ) فداء للوطن .. لان الجميع يتغنى ببطولاتكم .. ويتفاخرون بإنجازكم .. ويتنكرون لكم .. ويستكثرون عليكم حقوقكم .. وخذلكم الجميع .. حتى واجب العزاء لم يقدموه .. نقول لكم إن (بساطيركم ) أشرف من الفاسدين أصحاب الولاءات المزيفة ، الذين ( يؤمرون ) من الخارج ، الذين همهم الأول والأخير مصالحهم الشخصية .. نعتذر منكم لأننا لم نكن ندرك أن حماية الحدود مهمة ( فقراء الوطن ) ، فيما خيرات الوطن للأغنياء ليتمتعوا بها !!..
وتبقى السنتنا تردد :” لبسني شعار الجيش بس مرة ، وخذ عمري “..