
عريب هاني المومني
ليست المرّة الأولى التي يشير فيها جلالة الملك عبدالله الثاني إلى ضرورة إجراء إصلاح شامل، فقد أكّد جلالته سابقاً -ولو بشكل ضمني- على هذا النهج، إلا أنه من الواضح أن الحكومات والمسؤولين السابقين لم يلتقطوا هذه الإشارات والرسائل الملكية؛ مما دفع جلالته إلى التأكيد على ذلك صراحةً خلال لقائه الأخير مع وكالة الأنباء الأردنية بمناسبة عيد ميلاده الميمون.
فقد حاول جلالته سابقاً إرسال إشارات تعبّر عن رؤيته بالإصلاح المنشود والنهج الذي يجب اتباعه والسير على خطاه، وذلك من خلال زياراته المستمرة والدورية لكافة المحافظات والمناطق الأردنية والاستماع لمطالب وهموم الأردنيين بشكل مباشر؛ في إشارة منه إلى ضرورة النزول للشارع ومعاينة المشاكل بشكل واقعي والاستماع للحلول المقترحة لاختيار الحل الأنسب وتعزيز المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار.
كما أنه لا يخفى على أحد تأكيد جلالته في كافة المحافل واللقاءات على أهمية دور الشباب في المجتمع وضرورة إشراكهم في عملية صنع القرار. بالإضافة إلى نشره سلسلة من الأوراق النقاشية من أجل تحفيز الحوار الوطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحوّل الديمقراطي، بهدف بناء التوافق وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار وإدامة الزخم البنّاء حول عملية الإصلاح الشامل والحقيقي. فقد رسمت هذه الأوراق خارطة الطريق للإصلاح المنشود.
وعليه، فإن رؤية الإصلاح الشامل والحقيقي باتت واضحة للجميع إلا أن القصور يكمن في التطبيق العملي لهذه الرؤية، مع التأكيد على أن معادلة الإصلاح تتطلب التوازن والشمولية بمعنى أن تشمل كافة المجالات والجوانب، وألا تقتصر على ميدان محدد. فالإصلاح عملية ترتبط بكافة المجالات، والتقصير بجانب معين منها يؤدي إلى خلق قصور بنتائج عملية الإصلاح وخلل بهذه المعادلة.
ولا بدّ من البدء بهذه العملية بكافة المجالات بشكلٍ متوازٍ للمحافظة على التوازن والخروج بالنتائج المرجوّة، وعدم إهمال جانب على حساب جانب آخر. فالإصلاح الشامل والحقيقي يعتبر مطلباً شعبياً جماهيرياً في الوقت الحالي، ولم يعد يقتصر على النخب السياسية في المجتمع أو منظمات المجتمع المدني أو الأحزاب.
كما أن الإصلاح السياسي يعدّ من أبرز المطالب والأولويات؛ فهناك حاجة ملحّة لتعديل قانون الانتخاب وتعزيز مشاركة الأحزاب السياسية في عملية صنع القرار، خاصة بعد الانتخابات النيابية الأخيرة وبيان الثغرات في التطبيق العملي لهذا القانون.
إن الإصلاح المنشود هو الإصلاح الشامل والحقيقي، وعلى الحكومة والمسؤولين الابتعاد عن نهج تسيير الأعمال وترحيل المشاكل وإيجاد حلول مؤقتة بهدف امتصاص غضب الشارع الأردني، فالأصل الاستمرار بمسيرة الإصلاح والسير على خارطة الطريق المرسومة في هذا الشأن، لتعزيز الديمقراطية بهدف التمتع بالحقوق والحريات؛ فرؤية الإصلاح واضحة ونحتاج فقط للتطبيق الواقعي لها.