محمد سعيد الحتاملة
بسم الله جامع القلوب , والصلاة والسَلام على حبيب علاَم الغيوب , وعلى كل محب في شرعه ومحبوب .
أخي القارئ , أختي القارئة: يحلو لي أن أكتب عن رجال كان لهم في حياتنا بريق , ليسوا جبناء , ليسوا جهلاء ,
ليسوا عملاء , ليسوا فاسدين , لكنَهم أحرار في أفكارهم وقراراتهم , لامُتملِقين , ولا مًتذَللين , ولا منافقين ,
موسومون بحب الشَعب , سمة المسؤول المخلص الوفي الأمين .
لايحرجني أن أزَكي واحدا من هؤلاء , كان يرى أنَ الإنتماء الحقيقي للوطن , هو البذل من أجله , والمحافظة على كرامة شعبه ومقدَراته وحقوقه . فكان استشهاده فخرا للأردنيين , وشهادته ذخرا للعرب أجمعين , هذا الرَجل , لو كان في أمَة واعية , تقِدِر الكفاءآت , وتقَدِس البطولات , لنحتت لوصفي التَل تمثالا , وخلَدته خلود الأنطال , ولكن حب الشَعب له أغناه عن ذلك .
ولست أغالي إذا قلت : بأن المُشَيعين على اختلاف مذاهبهم , وعقائدهم , وجنسيَاتهم , كانوا حاضرين مراسم دفنه , يشدهم الى بعضهم رباط الحزن الشَفيف , اللاَئق برجل فجع الشَعب والوطن بموته فعلا , والمقولة التي كنَا نسمعها أثناء مراسم الدَفن , ( تيَتمنا بعدك ياوصفي ) تؤَكد ذلك , وتختزل ببلاغة شديدة , مشاعر الأردنيين ,الذين أشفى مافي صدورهم من الغيرة والغيظ , على كيانهم ووجودهم , وإنه مهما اختلفت وجهات النَظربين أبناء الوطن, فإنها لاتحول دون الإعجاب برجل مثل وصفي , الَذي نما حبه للأردن والأردنيين , حتى احتوى شماله وجنوبه ووسطه . صَدِقوني : أنني ماعرفت شعبا وجيشا أحب مسؤولا, كما أحب الاردنيون وصفي التَل . كان رحمه الله , صوتا أردنيا متصَوِفا بتجارب فكره , يذوب عشقا بتراب وطنه , وشعبه , يُحدِد لهم السبيل القوبم , المؤدي الى رفعة شأنهم وراحتهم , لم يُرَصِع صدره بالنيَاشين , ولم تظهر عليه الخيلاء التي تبعده عنهم . هذا الرَجل ,ستظل آراؤه وافكاره تتجدَد , بتجَدد الأجيال والأزمنة , ودروسا بليغة للأجيال المتعاقبة , في المبادئ والثَبات . أظن أنَ الوقوف في وجه الفساد , أولى من التَفكير بإزالة صورة , أو إخفاء معلم من معالمه , أو طمس آثاره , لأنها محفورة في عقول النَاس وقلوبهم .
محمد سعيد حتامله