احمد سعد العنانزه
كان ملعب كرة السّلة التّرابي هو الفاصل ما بين مَدْرَسَة كُفْرَنْجَة الثَّانَوِيَّة لِلْبَنِيْن ، وَالَّتِي تَأَسَّسَت في منتصف العقد الثّالث من القرن الماضي ، وتحديداً عام 1926م ، وما بين منزل المرحوم يُوسف بَني سَلْمَان “أبوفاروق” ، أذكر وعندما كنّا لا زلنا في سنّ العاشرة ، حيث كانت الطّيبة والبساطة حاضرة في النّفوس ، والنّاس تقطن في بيوت متواضعة حدّ التّدنّي من ضنك العيش ، إلاّ أنّ البعض منهم كان يعزل غرفة من البيت يؤجّرها لطلاّبٍ توافدوا من القرى المجاورة ، أو لمعلّمين قادمين من مختلف المدن الفلسطينيّة ، إِضافة إلاّ أنّ مبنى المدرسة لم يكن كافياً لكلّ ذلك الزّخم الطّلاّبي آنذاك ، ممّا أضطر إلى استئجار غرفٍ إضافيّة من البيوت المجاورة للمدرسة ، وكان لبيت المرحوم يوسف بني سلمان ، ذلك الحظّ بالمشاركة بغرفة من البيت ، استخدمت للنّشاط الرّياضي ، وتحديداً كرة الطّاولة ، وعلى الرّغم من ضيقها إلاّ أنّها حقيقة كانت تشهد مباريات ومنافساتٍ ، وجمهورٍ تلقائيّ اكتظّ خدّ الإختناق .
المرحوم بإذن الله أبوفاروق ، كان قد ترك مسقط رأسه في العامريّة ، وآثر العيش بالقرب من المدرسة ، وبالرّغم من أمّيّته التّعليميّة ، وجد طريقه من خلال الجيش العربي ، واجتهد وجاهد ، وواصل اللّيل بالنّهار ، ليحقّق حلما طالما راوده وعاش معه السّنين لحظة بلحظة ، وبالوقت الّذي كان فيه القلب ينبض بإصرار التّحدّي ، كانت عيناه ترقب مع كلّ فوجٍ يتخرّج من المدرسة ، والأمل يحذوه بأن يعوّض ما فاته من تعليم ، في أن يصنع من أبنائهِ جيلاً متعلّماً ومثقفاً ، ليجنّبهم النّدم الّذي يجري في عروقه على ما ضاع منه ، من فرصة التّعليم ، فكان له ما أراد ، واستطاع وبكلّ فخر الدّنيا ، أن يقدّم لنفسه وللوطن ، كوكبة من الجامعيّين المتميّيزين ، ليضرب بذلك أروع الأمثلة على الأب الصّالح المثابر الإيجابيّ بكلّ المعاني والعناوين العظيمه .
توفّي أبوفاروق رحمه الله قبل أقلّ من سنة ، وقد ترك خلفه إرثاً علميّاً زاخراً ، عشرة من الأبناء الجامعيّين ، بعد أن زرع فيهم كلّ القيم النّبيلة ، ولم يخذلوه بما تمنّى ، وكانوا كما أراد الأبناء الصّالحين الّّذين يدعون له ، مواظبين على الدّعاء له ، كي يّكون من السّبعة الّذين بظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه ، كما أخبر الرّسول الكريم صلوات الله عليه في معرض حديثه الشّريف .
ولم بقف الغراس عند هذا الحد ، فالبذور صالحه ، والأرض خصبة نقيّة ، فركبوا الصّعاب لأجل والدهم ، فتركوا البناء الّذي أورثه لهم والدهم ، والمكوّن من ثلاثة طوابق ، واستأجروا بيوتاً يسكنوها ، وليواصلوا طريق الصّلاح والفلاح ، وأسّسوا عليه رَوْضَةَ وَمَدْرَسَةَ رَوَابِيَ كُفْرَنْجَه ، مرتبطاً بذات المكان السّاكن في أعماق كلّ طالب تخرّج من مَدْرَسَة كُفْرَنْجَة الثَّانَوِيَّة ، حيث التّناغم والتّوافق والإنسجام بين المدرستين ، بالرّغم من الفارق الّذي يقارب القرن من الزّمان ، وتوشّحت بإسم الرّوابي المطلّة والمحيطة بالمكان .
وقد اعتمد السّيدات والسّادة المؤسّسين :
01 الوجيه الفاضل الشّيخ فاروق بني سلمان
02 المربّية الفاضلة فريال بني سلمان
03 المربّية الفاضلة زهور بني سلمان
04 المربّية الفاضلة غدير بني سلمان
05 المربّي الفاضل عثمان بني سلمان
06 المربّية الفاضلة ريم بني سلمان
07 المربّية الفاضلة ريف بني سلمان
08 المربية الفاضلة ولاء بني سلمان
09 المربّية الفاضلة ميسم بني سلمان
10 المربّي الفاضل محمّد بني سلمان
وجمعيهم من حملة شهادة البكالوريس في تخصّصاتهم ، وتجاوزا الأفكار الرّبحيّة ، ويعلنوا من خلال هذا الصّرح العلمي ، بأنّ التّعليم ليس سلعة لكسب المال الوفير ، وإنّما هو واحة عنّاء وخضراء لضخّ الطّاقات الكامنة ، وترجمتها إلى واقعٍ ملموس في نفوس الطّلبة ، من خلال الإعتماد بشكل أساسيّ على القراءة والكتابة والحساب وتحفيظ القرآن ، فأبرزوا الحوافز الكبيرة من خلال إعفاء الطّلبة من أجزاء من الرّسوم بمقدار الأجزاء الّتي يحفظها الطّالب في القرآن الكريم ، ليصل الأمر إلى الإعفاء الكامل لمن يحفظ القرآن الكريم ، محتسبين الأجر والثّواب عند الله العليّ القدير ، وليتنزّل حسنات متواصلة على روح والدهم ليحصد نتائج الخير ممّا زرع .
لقد تمّ تجهيز المدرسة بشكلٍ نموذجيّ وعصري ، من الغرف الصّفّيّة ، أو مساعدات التّدريس ، أو من الساحات والبناء بشكل عام ، أو من الكادر التّدريسيّ من ذوي الخبرة العريضة في التّعليم ، أو من خلال الإدارة الواعية والنّاضجة والمتمثّلة بمديرة المدرسة ، المربّية الفاضلة فريال بني سلمان ، تمنّياتنا لكم رَوْضَة وَمَدْرَسَة رَوَابِي كُفْرَنْجَه بالتَوفيق والنّجاح ، وتعاونو على البرّ والتّقوى ولا تعاونو على الإثم والعدوان “صدق الله العظيم”