
عوني الداوود
صحيح أنّ الأردن، بحسب المقاييس العالمية، صغير بتعداد سكانه ومساحته وحجم اقتصاده وموارده، قياسًا بدول كثيرة في العالم، لكنّه وفقًا لمقاييس القوى الاستراتيجية، يُعتبر ركيزة أمن وأمان واستقرار لإقليم يعدّ استقرار الأردن من استقراره، والعكس – لا قدّر الله – صحيح. بمعنى أنه لن يكون هناك استقرار للمنطقة إذا لم يكن هناك استقرار في الأردن.
هذا البلد، يشكّل موقعه الجيوسياسي أكبر تحدٍّ له، وفي الوقت نفسه فإنّ موقعه الجيوسياسي يُعدّ أكبر قوة له، لأنه صمّام الأمن والأمان والاستقرار، بموقعه، وبقيادته الحكيمة والوازنة التي تحظى بثقة واحترام العالم، وبشعبه الواحد الموحّد خلف قيادته، يفدي مليكه بالمهج والغالي والنفيس.
الأردن، وعبر أكثر من مئة عام، دولة راسخة قوية، جبل لا تهزّه الرياح. ليس كلامًا عاطفيًا إنشائيًا معنويًا، بل ثوابت يشهد بها تاريخ الأردن والمنطقة ويدركها العالم، ويعرفها حق المعرفة العدو قبل الصديق.
قوة الأردن تكمن في كونه جسدًا واحدًا، تزيده التحديات صلابة، والضغوط قوة، ويعرف التصدي للرياح العاتية مهما كان حجمها، بفضل الله وعنايته، وحكمة وحنكة قيادته التي تحظى باحترام وتقدير العالم. هذا العالم الذي لا يجامل في مصالحه ويدرك أهمية الأردن، والدور الذي يلعبه في استقرار منطقة ملتهبة، منطقة ليس من صالح العالم أن يعبث بأمنها وأمانها، فاضطرابها يعني كارثة عالمية، والشواهد على ذلك كثيرة، آخرها اضطرابات باب المندب والبحر الأحمر بسبب العدوان الإسرائيلي على غزّة العزّة،
ولا تزال تداعيات تلك الاضطرابات يدفع ثمنها الاقتصاد العالمي والتجارة العالمية.
منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط والغاز ومصادر الطاقة، التي يحتاجها العالم، يلعب الأردن في هذه البقعة – رغم أنه ليس دولة نفطية ولا غازية – دور صمّام الأمان ونقطة الارتكاز، و»عمود خيمة الشرق الأوسط». إذا اهتزّ – لا سمح الله – فانعكاسات ذلك وخيمة، ليس على المنطقة فقط، بل على العالم أجمع.
الأردن بوابة أمان لمنطقة تتوسط ثلاث قارات، وتمرّ من حولها كل تجارة العالم، من خلال بوابات ومضائق ثلاث من الأهم عالميًا (السويس، المندب، وهرمز). الأردن بوابة العالم إلى الخليج. انظروا جميع المشاريع المستقبلية التي يتم الحديث عنها اليوم، تمرّ من خلال الأردن، وفي مقدمتها مشروع خط التجارة العالمي (من الهند إلى أوروبا عبر الخليج والأردن)، وغيرها من المشاريع التي يتحدث عنها الغرب. فكيف يمكن لمشاريع كبرى أو استثمارات في الإقليم أن تقوم دون استقرار البلد الأهم في الإقليم، وهو الأردن؟ كيف يمكن لمشاريع الإعمار أن تقوم، سواء في غزّة أو لبنان أو سوريا، دون أمن واستقرار الأردن؟
يبدو أنّ هناك من لا يريد أن يدرك سرّ قوة وعظمة الأردن، الذي صمد في مرحلة سُمّيت بالربيع العربي، وصمد في مواجهة مؤامرات وفتن عديدة. كان سرّ الصمود فيها كلمات ثلاث: (الله – الوطن – الملك). عظمة الأردن، أنه يؤمن بالله، ويؤمن بتراب هذا الوطن وبقائد الوطن. شعب يؤمن بجيشه المصطفوي ورجال الأمن وفرسان الحق الساهرين على أمنه.
شعب يسير خلف خطى الملك وولي عهده الأمين. «بوصلتنا فلسطين وتاجها القدس الشريف».
الأردن لا يساوم على الحق، ولا يغيّر ثوابته ولا مبادئه. يعلنها مدوية ليسمعها كل العالم: لا للتهجير، لا للتوطين. الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين، والقدس خط أحمر. هذه ثوابته التي لم ولن تتغير.
الدستور