اسعد العزوني
تسبّب القصف في جنوب محافظة إدلب وشمال محافظة حماة في سوريا بفرار أكثر من 450,000 شخصٍ شمالاً وباتّجاه الحدود التركية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، كما وأدّى إلى مقتل مئات من الأشخاص وإصابة آلاف آخرين بحسب تقارير عديدة، وبالأخصّ على مرّ الشهر الفائت الذي شهد على أكبر عدد من القتلى والجرحى يُسجّل هذا العام.
واجهت الفرق الطبية في المستشفيات التي تدعمها منظّمة أطبّاء بلا حدود في المنطقة تدفقات الإصابات الجماعية، ما يعني وصول 10 مصابين أو أكثر في الوقت نفسه، في مرّات متعدّدة خلال الأسابيع الماضية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، استقبل مستشفى تدعمه المنظّمة أكثر من 35 جريحاً جرّاء الغارات الجوية خلال 48 ساعةً فقط. وعالج مرفق آخر تدعمه المنظّمة أيضاً 50 جريحاً خلال الأسبوع نفسه.
كانت القوات الحكومية السورية وحلفاؤها قد أطلقت في أواخر أبريل/نيسان 2019 هجوماً عسكرياً على جنوب إدلب وشمال حماة اللتين تقعان ضمن مناطق خفض التصعيد. تعرضت البنى التحتية المدنية، بما في ذلك المرافق الطبيّة والمدارس والأسواق ومخيمات النازحين، للقصف والتدمير خلال الهجوم. إذ تضرّر مستشفى تدعمه منظّمة أطبّاء بلا حدود نتيجة القصف بينما اضطرت بعض من المرافق الأخرى التي تدعمها المنظّمة في المنطقة إلى إيقاف خدماتها جزئياً عدة مرات في الأسابيع الماضية، خوفاً من التعرّض للقصف.
ويشرح مدير أحد المستشفيات في المنطقة قائلاً، “يختبر المرضى ومقدّمو الرعاية والموظّفون معاناةً نفسية. يشعرون بالخوف الشديد، حتى أن بعضهم غادر المرفق خوفاً من تعرضه لغارات جوية. نضطرّ غالباً إخلاء المستشفى لأننا نخشى أن يحصل شيء ما. نتوجّه في بعض الأيّام إلى الملجأ مرات عديدة لأن الطائرات تحلّق فوقنا”.
ويُتابع قائلاً، “ولكن بغضّ النظر عن عدد المرات التي نضطر فيها إلى إيقاف عملنا مؤقتاً، نحاول إبقاء قسم الطوارئ عاملاً. نصب كل جهودنا لتحقيق هذا الأمر. تخدم بعض المستشفيات في المنطقة عشرات الآلاف من الأشخاص. لا خيار أمامنا سوى أن نكون مستعدين لمساعدتهم عندما يحدث شيء ما”.
تسبّب تصاعد العنف أيضاً بنزوح أكثر من 450,000 شخصٍ أُضيفوا إلى مئات الآلاف من الأشخاص النازحين إلى محافظة إدلب أو داخلها. وتوجّه معظم النازحين الجدد إلى المناطق المكتظة بالسكان ويعيشون في خيام أو في العراء تحت أشجار الزيتون، ويحتاجون إلى الغذاء والماء والرعاية الطبيّة.
تعمل منظّمة أطبّاء بلا حدود على توزيع المواد الإغاثية غير الغذائية والمياه الصالحة للشرب على النازحين الجدد، بالإضافة إلى إنشاء المراحيض في كل من المخيمات الموجودة والملاجئ المُنشأة حديثاً. ولكن تشتدّ حاجة هؤلاء النازحين إلى المزيد من الدعم.
من جهتها، تشرح منسّقة عمليات أطبّاء بلا حدود لبرامج المنظّمة في سوريا لورينا بيلباو قائلةً، “ما نواجهه اليوم هو مئات الآلاف من النازحين الذين يعيشون وسط ظروف مروعة. فالملاجئ شديدة الاكتظاظ والبنية التحتية غير كافية والظروف المعيشية غير صحية. يفرض كل ذلك خطراً كبيراً يتجسّد بتفشي الأمراض”. وتُردف قائلةً، “إن لم يحصل الناس أقلّه على مياه الشرب النظيفة، فيمكننا أن نتوقّع ظهور المزيد من حالات الجفاف والإسهال والأمراض المنقولة بالمياه في الأسابيع المقبلة. وسيؤدّي ذلك إلى تدهور إضافي في الوضع الذي يعتبر حرجاً في الأساس”.
ووسعت منظّمة أطبّاء بلا حدود من نطاق أنشطتها في العيادات المتنقلة، وعززت دعمها للمرافق الصحية من خلال التبرع بالأدوية إلى المراكز الصحية ومجموعات الإسعافات الأوليّة والمعدات الجراحيّة إلى المستشفيات كما ومن خلال دعم أنظمة الإحالة في المنطقة. ستواصل المنظّمة الاستجابة لتقديم المساعدات الإنسانيّة الضرورية إلى النازحين الجدد أو الجرحى جرّاء الهجوم العسكريّ.