د. علي منعم القضاة
ألا حيّها عجلون من بُرْدَةِ الهوى أسامرها بدراً؛ فترسمني شمســا
إيران في العراق (2)
المجرمــونَ نراهــم كيفمــا استتروا وإِنْ تَخَفّوا عن الأنظار أو ظهــــروا
القراء الأعزاء أسعد الله أوقاتكم بكل الخير، تتواصل شذراتنا لنشر الوعي عن أطماع إيران في بلاد العرب؛ وبيان أنها تشكل مع أعداء الإسلام؛ ثالوثاً قذراً (صادات ثلاثة) صفوية، صهيونية، صليبية (https://www.facebook.com/mahmoud.obeidat.351/videos/26168355386451)، لتفريغ حقدها الدفين على الإسلام والمسلمين، هذا ما قاله أحد أئمة الشيعة الذي انشق عنهم؛ وهو الشيخ حسين المؤيد؛ زوج ابنة عبدالعزيز الحكيم، أبرز قيادي حزب الدعوة العراقي التابع لإيران؛ وهي أخت عمار الحكيم، زعيم الحزب حالياً.
توجيه الرأي العام الديني
أحكمت إيران قبضتها على العراق، وبدأت بتنفيذ مخططاتها في كل مفاصل الدول العراقية، فسيطرت على وسائل الإعلام العراقية، وقامت بإنشاء أكثر من عشرين محطة فضائية تلفزيونية، كلها قنوات طائفية موجهة إلى الشعب العراقي، وإلى الرأي العام العراقي. قنوات تعمل على إثارة الفتن المذهبية، والطائفية وترويج فكرة المظلومية. كما عملت إيران على إحداث اختراق ونفوذ ديني، حيث ربطت شريحة واسعة من العراقيين بها تحت مسمى التشيع، عندما أدخلت إيران أكثر من ألفي رجل دين في مدارس الحوزة العلمية التابعة لإيران للتأثير على قراراتهم المستقبلية، والاستحواذ عليها، ومن المستغرب جدا جداً أن المراجع الشيعية التي يتبعونها جميعها فارسية وليس عربية، رغم أن الرسول عليه السلام عربي وليس فارسي.
كما عملت إيران على تشويه المذهب السني في العراق، وإبعاد القيادات الدينية السنية عن دوائر صنع القرار، من خلال خلق حالة من الشك والريبة في العلاقة ما بين القيادات السياسية في العراق، وعلماء الدين السنة، بترويج إشاعات عن فساد هذه الشخصيات، وقيامهم ببعض الأعمال المخالفة للنظام والدولة، مما يخلق مناخاً للحقد والكراهية بين رجال الدين والحكام بشكل عام.
تغيير المناهج وتزوير التاريخ
ربما العامل الأكثر خطورة من الاقتصاد والجغرافيا والديموغرافيا، هو التعليم والمناهج الدراسية، وقد طالت يد العبث الإيرانية، المناهج التعليمية، ومنها إعادة كتابة تاريخ الحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988)، حيث قامت بحذف الحقيقة التاريخية التي تقول إن القوات الإيرانية هي التي قامت بقصف المدن العراقية، والمنشآت الاقتصادية، والبواخر الراسية في شط العرب.
كما حذف الفقرات التي وردت حول دور الفرس في إثارة الفتنة بين المسلمين خلال فترة الخلفاء الراشدين، ودور الفرس في قتل عمر بن الخطاب عثمان بن عفان رضي الله عنهم، وحذف الفقرات التي تتحدث عن دور الجيش العراقي في حرب 1948، وحرب أكتوبر 1973.
ثم منحت وزارة التربية العراقية عقود طباعة كتب المناهج المدرسية للمطابع الإيرانية، وأصبحت معظم المراكز الثقافية والمكتبات الموجودة في العراق تقع تحت النفوذ والسيطرة الإيرانية. والأكثر خطورة هو الدعوة إلى إدراج القومية الفارسية كقومية رابعة بعد العربية والكردية والتركمانية عند صياغة الدستور العراقي قبل عام 2005.
الاقتصاد عماد البلاد
عمدت إيران إلى اختراق وإضعاف الاقتصاد العراقي، بطرق شيطانية، واستطاعت إحداثه خلل حقيقي في البنى الاقتصادية العراقية، حيث قامت بشراء الأصول الصناعية والزراعية والعقارية، وجعلها بين يدي أتباع إيران في العراق، وبذلك عملت على توسيع مناطق نفوذها وسيطرتها، وجعلت العراق سوقا مفتوحة للبضائع الإيرانية بمختلف أنواعها، وشجعت التجار الإيرانيين على والاستثمار في مدنهم المقدسة، والتعامل بالعملة الإيرانية والحديث باللغة الفارسية بشكل ملحوظ في العديد من المناطق، والأسواق.
كما عملت إيران على طرد الكوادر الهندسية النفطية العراقية من حقول النفط، وسرقت النفط العراقي من عدة حقول نفطية في البصرة، باستخدام طريقة الحفر المائل لسحب النفط من داخل الأراضي العراقية إلى الأراضي الإيرانية، مما جعل الاقتصاد العراقي تابعا لإيران تبعية مطلقة، ومعتمداً عليها اعتماداً كلياً.
استغلت إيران وجود عملائها في حكومات تشكلت زمن الاحتلال، واستولت على مزيد من الأراضي العراقية، وبالذات في محافظتي ميسان والبصرة حيث تتواجد الحقول النفطية العراقية الكبرى، وتحاول ضم جزيرة أم الرصاص العراقية الغنية بالنفط.
تقسيم العراق
تقوم إيران بتعيين حكومات تابعة لإرادتها، وتقترح النظام الذي تريد، فتتبناه الحكومات المتعاقبة، فقد فرضت طرح النموذج الغربي على أنه الأفضل لإدارة الوضع العراقي، إذ إن تطبيقه سيعمل على إذكاء سياسة المحاصصة، وسيساعد الأقاليم الراغبة في الاستقلال على تحقيق أهدافها، ويقود في النهاية إلى إضعاف قوة العراق ومنع عودته مرة أخرى قوة منيعة، وهذا محور أهداف إيران الإستراتيجية في العراق، وفي الخليج العربي عموماً.
وعلى نظام (فَرِّقْ تَسُدْ)، تحرص إيران على الإبقاء على علاقات متميزة مع القادة الكُرد، وعدم التفريط فيها كخط استراتيجي عام لإيران يضمن عدم عودة وقيام حكم سني مرة أخرى، والتعامل مع الأطراف السنية في العراق، بسياسة الإغراء والتهديد، واعتبار أن الاقتراب من إيران هو أحد متطلبات المشاركة السياسية في الحكم.
صناعة الدُمى
عبثت إيران بالثقافة والسياسة والإعلام، والدين، والأمن العراقي، وقدمت عوناً للأمريكان أثناء احتلال العراق، وبسطت نفوذها في العراق دون منازع، بعد أن شاركت بإزاحة العقبة الكؤود، وهو النظام السياسي العربي القومي الوحيد الذي كان يشكل خطراً حقيقياً أمام توسيع نفوذها، وقامت بمطاردة وإزاحة القوى العراقية القومية، والإسلامية المعادية للتوجه الإيراني.
حققت إيران هدفها الأكبر، وكل مصالحها بأقل التكاليف، ثم عملت على إضعاف حكوماته المتعاقبة، وخلخلة الأوضاع السياسية في العراق، وأوجدت نظاماً سياسياً جديداُ تابعاً لها، يدين بالولاء والطاعة لإيران، وتحركه كما الدُمى، نظامٌ لا يملك من أمره إلا تسهيل حركة إيران في الداخل العراقي في كل الاتجاهات.
إذعان حكومة العراق لإيران
تمتلك إيران زمام الأمور في العراق، وتقوم بتشكيل الحكومات وفقاً لرغباتها؛ ولذلك استطاعت وبسهولة انتزاع موافقة الحكومات الصورية، على أمور كانت مرفوضة جملة وتفصيلا قبل الاحتلال، حيث أقرت الحكومة العراقية الاتفاقية التي ترسم الحدود الفاصلة بين البلدين، وحصلت على تنازلات مرتبطة بالحدود المشتركة -اتفاقية الجزائر عام (1975)، – بالضغط على الحكومات العراقية المتتالية. وكذلك موافقة الحكومة العراقية على إعلان مسؤوليتها عن شن الحرب على إيران في عام (1980)، وما سيتبع ذلك من آثار قانونية خاصة، وتعويضات مالية.
حكومات وأحزاب الظل
عملت إيران على تشكيل أجهزة إدارة وأمن تابعة لها، تعمل تحت واجهات متعددة ومستترة، من خلال وجودها داخل تنظيمات سياسية إسلامية عراقية، وتنظيمات خيرية ودينية، وواجهات دبلوماسية وتجارية ومكاتب صحفية وإعلامية.
أتاحت المجال لعمل أجهزة الاستخبارات الإيرانية، في العمل السياسي السري والعلني في العراق، من خلال الحرس الثوري الإيراني، وجهازي الأمن والاستخبارات الإيرانية، ومجموعات من الميليشيات التابعة لها، ومجموعات من الحوزة الدينية الإيرانية.
كما عملت على إقامة شبكة واسعة من التنظيمات الخيرية والأحزاب السياسية الإسلامية، التي تلتزم بخط إيران الفكري والسياسي، وتوسيع نشاطها في كسب المزيد من استقطاب الناس إلى هذه التنظيمات بصورة مباشرة أو غير مباشرة.