د.عبدالمهدي القطامين
حين نكون كلنا شركاء في الوطن بالمغنم والمغرم فأننا انذاك نضع اقدامنا على اول درجة في سلم الانتماء والولاء لكل ما فيه حجرا وشجرا وبشرا وتقاسيم حياة حينئذ يكون القانون هو سيد الموقف ويكون الضمير الجمعي هو المتقدم على ما سواه .
ولكن كيف يمكن ان يكون للكل ان يكون مع الكل وكيف للمعادلة ان تستقيم اذا ما اخل احد او تنظيم او حزب باحد اطرافها ورأى انه على حق وان البقية الغالبة على باطل وانه وحده الذي لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من امامه بل انه ظل الله على الارض كيف اذن تستقيم هذه المعادلة وكيف للوطن ان يكون هو الاصل والمنتهى وما ذكرت هنا ليس مسألة افتراضية لكنها مسألة واقعية وقعت وتقع وقد تم ممارستها كثيرا في حياتنا منذ تم القاء عباءة الاسلام على جماعة الاخوان ولبسوها في مظهر ارادوه مقدسا كي لا يمس لهم كيان بل اصبح كل من يقول بوجههم لا كافر ملعون في الدنيا والاخرة وبذلك احكموا قبضتهم الحديدية على اسلامهم المزعوم فبدونا في وجهات نظر السواد من المجتمع اننا خارجين عن الملة واننا مرجومون في الدنيا والاخرة .
لم يكن خطاب الاخوان يوما خطابا عقلانيا او توحيديا او جامعا بل كان خطابا اقصائيا قوامه ان لم تكن معي فانت ضدي ليس في منحنيات الفكر وطرقه واساليبه بل حتى في تفاصيل الحياة اليومية التي نعيش فاذا مررت بمجموعة منهم واتت بك الطريق اليهم وكانوا في حديث صمتوا كأنك جسم مشبوه يخشى انفجاره بينهم .
وقد ادمنوا طيلة عملهم الظاهر على الاتكاء على الدين بمفاهيمه المغلقة عندهم فالدين هناك هو الطعم المناسب لالقاء سنارة الجلب الى ساحة الايمان التي ما من غيرها ساحة حتى اذا طلبت منهم اي حل يواجه مأزق الحياة المعاصرة بكل تفاصيلها ردوا عليك بصوت واحد عال الاسلام هو الحل …نتفق معهم في ان الاسلام هو الحل ولكن اي اسلام وما مواصفاته وما اركانه وما نواهيه وما ابجدياته ؟
وهل الاسلام الذي يريدون هو ذلك الاسلام الذي يخرج على المجتمع وقيمه وموروثه شاهرا سيفه مستعدا لقطع الرقاب؟ وهل خرج عتاة التكفيريين والارهابيين الذين عاثوا فسادا في الارض لولا وجود حاظنة لهم زينت لهم تكفير المجتمع والخروج عليه بحجة انه خالف طريقا قويما يرونه هم كذلك ولا نراه نحن .
نعم انني مع كل قائل ان الاسلام هو الحل بسموه ووسطيته وعدله ونواهيه وقدرته على صون كرامة الانسان ورحمته التي وسعت كل شيء حتى نبينا العظيم عليه الصلاة والسلام خاطبه الله تعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم “ولو كنت فظا غليظ القلب لانفظوا من حولك ” صدق الله تعالى فاينننا وهذه الاية الكريمة التي اوضحت بلا شك قيم الاسلام الحقيقي ….ثم اليس الدين المعاملة ؟
لقد قلب الاخوان الكثير من المفاهيم بما يلائم نهجهم ويمكنهم من تجيير الدين نحو تحقيق مصالح دنيوية فانطلقوا مبشرين في تعزيز جماهيريتهم السياسية من عباءة الدين التي تدثروا بها واخفت تحتها المثير مما لا يستقيم مع العقل والمنطق وفقه الواقع الذي اوله ان درء المفاسد اولى من جلب المنافع .
لا نتشفى بأحد ولا كما قال احدهم ان الجمل لا طاحت كثرة سكاكينه فانني لا ارى جملا ولا ثعلبا حتى لكي تنبري له السكاكين وما اراه ان هناك خروجا على اجماع وطني يلتف حول الوطن الى محاولة لضرب الوطن من داخله انتصارا لموجه اعلى ما يهمه هو سيادة الفكرة ولو على حطام الاوطان .
