د. حسين العموش
عندما يغضب جلالة الملك عبدالله اطال الله عمره، فاعلم ان هنالك خللا كبيرا، وان جلالته وضع يده على جرح نازف لا بد للجهات التنفيذية من معالجته فورا.
ولذلك جاءت استقالة وزير الداخلية كنهج جديد لحكومة جديدة نسبيا في تحمل المسؤولية تجاه القضايا الوطنية ذات المساس المباشر بحياة المواطن.
أُكبر في وزير الداخلية توفيق الحلالمة انحيازه وانحياز الحكومة الى اسلوب جديد في التعاطي مع القضايا الوطنية،يقوم على المكاشفة والوضوح وعدم إلقاء اللوم وتبادله من جهة الى اخرى.
بعد غضبة الملك وتغريدته التي أراحت الاردنيين وتبادلوها وقرأها كل الاردنيين بربع ساعة، دق الحلالمة على صدره واستقال، لم يحمل المسؤولية لأية جهة،رغم انه يستطيع ان يشيل عن ظهره ويضحي برجالاته وقادته، لكنه كان شجاعا ومقداما ورجلا اعترف بخطئه وسلم استقالته لرئيس الوزراء فنسب فورا بقبولها.
هذه الطريقة في التعامل مع الاخطاء والخطايا جديدة علينا،لكنها طريقة متبعة في اغلب دول العالم، اتمنى ان تستمر وان تكرس، واعتقد ان هذه الحكومة التي بدأت عهدها بهذا الشكل من الشفافية والوضوح ستستمر في هذا الخط،لكن المطلوب هو تقديم الاستقالة من كل مسؤول اخطأ بحق الوطن والمواطن وعلى كافة المستويات ؛ امناء عامون،مدراء عامون،رؤساء مجالس إدارة، درجات عليا…الخ، لأن هذه الطريقة وهذا النهج يحدد مصداقية الحكومة امام الشعب،ويبني جسور الثقة المفقودة،ويؤسس لحالة جديدة قوامها تحمل المسؤولية ومعالجة الاخطاء فورا دون تردد.
بناء الوطن ليس كبناء عمارة،بناء الوطن لا نستعمل فيه مواد البناء بقدر ما نبني أنفسنا نبني الانسان، نبني وطنا لأبنائنا، نراكم الإنجازات، ونصلح الاخطاء، ونغير الخطط والنهج،ونتواصل مع الشعب،ونفتح مناخات الحرية وتبادل الاّراء، ونساهم معا في تحمل المسؤولية،لنرى الجزء الممتلئ من الكأس، نأخذ القرارات بقوة الدستور والقانون والنظام والتعليمات، لان اليد المرتجفة لا تبني وطنا.
اقدر للحكومة الجديدة تحركاتها في تطبيق القانون وفرض النظام، ولو ان تحركها كان متأخرا،لكنها لم تتأخر ولَم تتقاعس، التحدي الابرز أمامها الان هو فرض هيبتها كحكومة صاحبة ولاية عامة على الوطن والشعب، وأقول فرض الهيبة لان الهيبة لا تأت ببوس اللحى، الاب يفرض هيبته بقوته وغضبه وتشديده على ابنائه.
مرة اخرى اراهن على قوة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة وعدد كبير من فريقه، المشهود لهم بقوتهم، هنالك قضايا ومشكلات وطنية لا ينفع معها اللين ولا المهادنة،ولا حتى الابتسامة،هنالك قضايا من بينها توفر الأسلحة والعتاد بسهولة في الشارع لا ينفع معه الا القوة بمنطقها وطريقتها وأسلوبها.
اعان الله الحكومة على تحديات كبيرة ماثلة أمامها، لكنني من المرات القلائل التي اثق فيها بقدرة الحكومة على إيجاد الحلول،التي بدأتها بحملات أمنية على فارضي الخاوات،واستكملتها بجمع الأسلحة غير المرخصة من ايدي الاطفال والعابثين،لكن مشوارها لم ينته بالحملة الامنية،ربما نحتاج الى تشريع قانوني يغلظ العقوبة باضعاف على حاملي الأسلحة بشكل غير قانوني، وهنا يأتي دور مجلس النواب الجديد في هذا الجانب.