أ. سعيد ذياب سليم
وقف عالم الفيزياء النظرية “ميشيو كاكو” “Michio Kaku” في أحد المؤتمرات العلمية قائلا : ( منذ أيام توفي زميلي العالم القدير “ستيفن هوكينغ”، يتساءل الناس كيف كنّا نتواصل معه ،حسنا، كان يستخدم أصابع يديه ليطبع كلمات يكوّن منها جملا ، حتى إذا فقد السيطرة على أصابعه، استخدم حركات عينيه ، لاختيار الأحرف، إلى أن فشل في ذلك، وفي السنة الأخيرة ، زرعنا رقاقة الكترونية في عدسة نظارته اليمنى، تستقبل موجات دماغه، تضخمها، ثم ترسلها إلى جهاز الكمبيوتر المحمول، لتطبع أفكاره على الشاشة، كان “ستيفن” يتواصل معنا عن بعد “Telepathically” ).
كان لذلك الرجل قدرة عجيبة على التأقلم مع التغيير الذي يسببه له مرضه، لم ييأس ولم يستسلم ولم يصيبه الذهول. ماذا عنا؟ يفاجئنا التغيير ، ويغرقنا بموجات من الصدمات، تتمثل بالخوف منه، والشك به، فربما لا نستطيع التأقلم معه، ونفشل في ذلك، وقد تطبّعنا على القديم، فلا نستطيع المضي مع المستقبل، بسبب الفجوة الثقافية التي يصعب التأقلم معها، على المستوى الشخصي والنفسي و الاجتماعي، والتي تحول بيننا و بين الركب.
ربما لا نستطيع لمس موجات التغيير التي تندفع حولنا اندفاع موجات “التسونامي”، نعيش معها بحالة من الذهول ، فإن المعدل الذي تتسارع به يفوق معدل استيعابنا للأشياء.
لننظر حولنا، أصبح السفر من قارة إلى أخرى، يستغرق ساعات قليلة، وأصبح الحديث عن غزو الفضاء ، ضمن الممكن وأن العلاج بالخلايا الجذعية من أحاديث السهرة المعتادة، و أصبح من المألوف أن تقرأ صحيفة أو كتابا إلكترونيا، و أن تحتفظ بملفاتك الهامة في الفضاء الافتراضي ” Cloud Storage “، لم يكن هذا متوفرا منذ سنوات قليلة، ثم هاجمتنا المنصات الاجتماعية، لندمن عليها ساعات طوال، بين قراءة و استماع و مشاهدة، غيرت من أدواتنا المستخدمة في التواصل و المعرفة، حتى أبجديتنا العربية، تركها البعض ليكتب بمزيج من الأحرف اللاتينية و الأرقام.
ربما قاومْت هذا التغيير، لكن هناك أجيال من الفتية و الشباب يتميزون بمرونة فائقة، أهلتهم للاندماج بسهولة، حتى أنك تجد في أطفال اليوم اهتماما لم تجده ضمن اهتمامات أطفال الأمس.
ما هي المرحلة القادمة؟ هل لاحظت أن المنصات الاجتماعية تخسر روادها ، في صالح نوع جديد من الألعاب الالكترونية، تلك التي يشترك بها عدة أشخاص في مناطق مختلفة حول العالم، في زمن حقيقي “Online Games”، ألعاب المغامرة و المصارعة و المعارك الحربية! بل تجعل من المشاركين، أعضاء في رابطة سرية، ربما تدفع بهم إلى السوء.
يبدأ اللاعب باختيار شخصيته، مظهره، سلاحه، ثم يدخل الفضاء الافتراضي، تاركا خلفه خجله، تردده، عيوبه كلها، وحتى يثبت للآخرين جدارته، لا يتوانا عن ارتكاب المحظورات.
تعالوا نطلق لخيالنا العنان، في الغد القريب، لن يحتاج طالبنا إلى قلم و أوراق، ستكون المادة التعليمية في ملفات محمّلة في الفضاء الافتراضي، يستطيع التعامل معها من خلال الأجهزة الالكترونية من حوله، ربما يعرضها على شاشة التلفاز، أو يراها بواسطة نظارة الواقع الافتراضي، يشارك الحدث، و يعيش التجربة، و يتذوق الصدمة، و كأنها إحدى الألعاب الالكترونية، يتعلم و يكتسب المعرفة والمهارات المختلفة، ربما يشارك باستخدام موجات دماغه، دون أن يستخدم اللغة!
لن يجلس في الصف التقليدي، و لن يحتاج للذهاب إلى مدرسة، سيأتي إليه العالم بكل ما فيه، وإن احتاج إلى معلم، سيعرض عليه نظام التشغيل خيارات عدة، وكأنها شخصيات في لعبة افتراضية، سيشارك باختيار الجنس و المظهر و اللهجة ، سينظر إلى العالم من خلال كاميرات الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الأرض، سيقترب من الهدف و إن كان زهرة صغيرة، سيشتم رائحتها، و يتذوق طعمها، و يعاني من أشواكها. كل هذا في المدى المنظور.
هذا الكم الهائل من المعلومات التي تتدفق عبر الأجهزة الرقمية، تشكل نظرتنا للواقع، وطريقة تفكيرنا و ذكرياتنا، هذه النظرات المتلاحقة إلى الهاتف المحمول كلما سمعنا نغمة موسيقية، و التي تساعد في تشتت تفكيرنا، وربما سطحيته، تبشر بواقع جديد.
تعالوا الآن نعود للواقع، لنعبر عن أفكارنا، في قضية تطوير نظام التوجيهي، و الذي كثر عنه الحديث، بين مؤيد و معارض ، حتى أن هناك من حذر من “نتائج كارثية” لعملية التطوير تلك، بين تسع مواد و سبع، نتباكى على ضياع التعليم، بين منهاج قديم و آخر حديث، وبين النظر إلى واقعنا و واقع “الدول المتقدمة”، أهي الصدمة التي يحدثها المستقبل و الخوف منه أم أن سرعة التغيير الذي أصاب حياتنا أصابنا بالذهول؟ فلم نعد نستطيع صياغة ما نريد!
صدمة التغيير
وقف عالم الفيزياء النظرية “ميشيو كاكو” “Michio Kaku” في أحد المؤتمرات العلمية قائلا : ( منذ أيام توفي زميلي العالم القدير “ستيفن هوكينغ”، يتساءل الناس كيف كنّا نتواصل معه ،حسنا، كان يستخدم أصابع يديه ليطبع كلمات يكوّن منها جملا ، حتى إذا فقد السيطرة على أصابعه، استخدم حركات عينيه ، لاختيار الأحرف، إلى أن فشل في ذلك، وفي السنة الأخيرة ، زرعنا رقاقة الكترونية في عدسة نظارته اليمنى، تستقبل موجات دماغه، تضخمها، ثم ترسلها إلى جهاز الكمبيوتر المحمول، لتطبع أفكاره على الشاشة، كان “ستيفن” يتواصل معنا عن بعد “Telepathically” ).
كان لذلك الرجل قدرة عجيبة على التأقلم مع التغيير الذي يسببه له مرضه، لم ييأس ولم يستسلم ولم يصيبه الذهول. ماذا عنا؟ يفاجئنا التغيير ، ويغرقنا بموجات من الصدمات، تتمثل بالخوف منه، والشك به، فربما لا نستطيع التأقلم معه، ونفشل في ذلك، وقد تطبّعنا على القديم، فلا نستطيع المضي مع المستقبل، بسبب الفجوة الثقافية التي يصعب التأقلم معها، على المستوى الشخصي والنفسي و الاجتماعي، والتي تحول بيننا و بين الركب.
ربما لا نستطيع لمس موجات التغيير التي تندفع حولنا اندفاع موجات “التسونامي”، نعيش معها بحالة من الذهول ، فإن المعدل الذي تتسارع به يفوق معدل استيعابنا للأشياء.
لننظر حولنا، أصبح السفر من قارة إلى أخرى، يستغرق ساعات قليلة، وأصبح الحديث عن غزو الفضاء ، ضمن الممكن وأن العلاج بالخلايا الجذعية من أحاديث السهرة المعتادة، و أصبح من المألوف أن تقرأ صحيفة أو كتابا إلكترونيا، و أن تحتفظ بملفاتك الهامة في الفضاء الافتراضي ” Cloud Storage “، لم يكن هذا متوفرا منذ سنوات قليلة، ثم هاجمتنا المنصات الاجتماعية، لندمن عليها ساعات طوال، بين قراءة و استماع و مشاهدة، غيرت من أدواتنا المستخدمة في التواصل و المعرفة، حتى أبجديتنا العربية، تركها البعض ليكتب بمزيج من الأحرف اللاتينية و الأرقام.
ربما قاومْت هذا التغيير، لكن هناك أجيال من الفتية و الشباب يتميزون بمرونة فائقة، أهلتهم للاندماج بسهولة، حتى أنك تجد في أطفال اليوم اهتماما لم تجده ضمن اهتمامات أطفال الأمس.
ما هي المرحلة القادمة؟ هل لاحظت أن المنصات الاجتماعية تخسر روادها ، في صالح نوع جديد من الألعاب الالكترونية، تلك التي يشترك بها عدة أشخاص في مناطق مختلفة حول العالم، في زمن حقيقي “Online Games”، ألعاب المغامرة و المصارعة و المعارك الحربية! بل تجعل من المشاركين، أعضاء في رابطة سرية، ربما تدفع بهم إلى السوء.
يبدأ اللاعب باختيار شخصيته، مظهره، سلاحه، ثم يدخل الفضاء الافتراضي، تاركا خلفه خجله، تردده، عيوبه كلها، وحتى يثبت للآخرين جدارته، لا يتوانا عن ارتكاب المحظورات.
تعالوا نطلق لخيالنا العنان، في الغد القريب، لن يحتاج طالبنا إلى قلم و أوراق، ستكون المادة التعليمية في ملفات محمّلة في الفضاء الافتراضي، يستطيع التعامل معها من خلال الأجهزة الالكترونية من حوله، ربما يعرضها على شاشة التلفاز، أو يراها بواسطة نظارة الواقع الافتراضي، يشارك الحدث، و يعيش التجربة، و يتذوق الصدمة، و كأنها إحدى الألعاب الالكترونية، يتعلم و يكتسب المعرفة والمهارات المختلفة، ربما يشارك باستخدام موجات دماغه، دون أن يستخدم اللغة!
لن يجلس في الصف التقليدي، و لن يحتاج للذهاب إلى مدرسة، سيأتي إليه العالم بكل ما فيه، وإن احتاج إلى معلم، سيعرض عليه نظام التشغيل خيارات عدة، وكأنها شخصيات في لعبة افتراضية، سيشارك باختيار الجنس و المظهر و اللهجة ، سينظر إلى العالم من خلال كاميرات الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الأرض، سيقترب من الهدف و إن كان زهرة صغيرة، سيشتم رائحتها، و يتذوق طعمها، و يعاني من أشواكها. كل هذا في المدى المنظور.
هذا الكم الهائل من المعلومات التي تتدفق عبر الأجهزة الرقمية، تشكل نظرتنا للواقع، وطريقة تفكيرنا و ذكرياتنا، هذه النظرات المتلاحقة إلى الهاتف المحمول كلما سمعنا نغمة موسيقية، و التي تساعد في تشتت تفكيرنا، وربما سطحيته، تبشر بواقع جديد.
تعالوا الآن نعود للواقع، لنعبر عن أفكارنا، في قضية تطوير نظام التوجيهي، و الذي كثر عنه الحديث، بين مؤيد و معارض ، حتى أن هناك من حذر من “نتائج كارثية” لعملية التطوير تلك، بين تسع مواد و سبع، نتباكى على ضياع التعليم، بين منهاج قديم و آخر حديث، وبين النظر إلى واقعنا و واقع “الدول المتقدمة”، أهي الصدمة التي يحدثها المستقبل و الخوف منه أم أن سرعة التغيير الذي أصاب حياتنا أصابنا بالذهول؟ فلم نعد نستطيع صياغة ما نريد!