رمزي الغزوي
لا شأن لي بهذا العالم وهو يحتفي اليوم بانتصاف اليوم بين ليل ونهار. لي شأن وحيد أنك ولدت في هذا اليوم كي تنصفي حياتي، وتهبيني توقاً أبدياً لمعاني الحياة. ولا شأن لي بمن يرون انحيازي لك. أو إن قال عمر مشاكساً إنك الأبهي في عين أبي. لا شأن لي بكل القصائد المجدولة على بحور العشق. يكفيني قصيدة واحدة هي أنت.
ويا صغيرتي للعالم أيضاً أن يبدأ خريفه هذا اليوم كيفما شاء وأنّى شاء. ولي وحدي أن أبدأ فصولي من شتائها إلى صيفها اليوم، أيتها الغيمة العطر، وفصولي المتشابكة.
لم نكن نحيا أياماً عادية ونحن بانتظارك. كنا ننشغل برسم وجهك، ولون شعرك ورنة ضحكتك. وكنا نقول، أمك وأنا، كل مكان لا يؤنث لا يعول عليه، وكل بيت بلا بنوتة لا يساوي حبة بوشار. أبوتي لم تكن مكتملة، حتى بطفلين يملآن حياتنا حتى التراقي، وكنت أقول لأمك بين مزح وجد: سأتزوج عليك؛ إن لم تنجبي لي ابنة تحمل قلبي من قبلي ومن بعدي.
وكنت لنا بحمد الله وبركته شمشاً وقمراً في آن معاً. ضحكة وهمسة وغنوة. من لحظة مولدك صنعتي الفرق فينا ولنا. وكبرتي بماء العين ولهفة الأنفاس وردة للدار.
أتذكرين كيف كنت تعصرين رأسي بأحضانك؛ كي يسيل العسل كما تدعين؟ وكيف تجعليني أعيش دور الجد بكامل حنانه المصفّى مع ابنتك اللعبة: أكلمها كما ينبغي، وأغني لها، وأساعدك بترجيل ضفائرها الشقر. أتذكرين أيتها الأم الندية.
يا سيدة المكان، يا عين أبيك، يا فرحنا وموسيقانا وكتابي الذي لن أقدر أن اخرجه إلى الملأ. يا أمي الثالثة. كوني غزالة للغيمات نبراساً للعلم كما أعددتك، وسلماً للموسيقى والحرف. كوني الحياة بجل معانيها.
كوني كما أردتك ملكة للعطاء. وأماً عظيمة. وصديقة لعائلتك وأهلك تحملين قلوبهم نبضاً منذوراً للحياة والمحبة.