د. راكز الزعارير
ترجل أحد رجالات الأردن الأقوياء وفرسان الحق الباشا طارق علاء الدين مدير دائرة المخابرات العامة الأسبق خلال فترة الثمانينات ١٩٨٢ – ١٩٨٩ يوم الخميس ١٧ رمضان، حيث أنهى حياة مليئة بالعطاء والشجاعة والإقدام في العمل الوطني والإخلاص للعرش الهاشمي والدولة الأردنية، وكان جلالة الملك عبدالله الثاني قد كرمه مؤخرا بميدالية مئوية الدولة الأردنية تقديرا لأدائه
وعطائه.
لقد واكب معالي «أبو حسن» في عمله في دائرة المخابرات العامة تطورات تاريخية هامة في مسيرة الدولة والتحديات الامنية والسياسية الداخلية والخارجية التي واجهتها الدولة، وكان من أصلب رجال الملك الباني الحسين بن طلال في مواجهة المهددات وأكثرهم إيماناً بالأردن وقيادته الهاشمية وشعبه المخلص للملك وانتماء للوطن والأمة.
لقد واكب معالي «أبو حسن» في عمله في دائرة المخابرات العامة تطورات تاريخية هامة – في مسيرة الدولة والتحديات الامنية والسياسية الداخلية والخارجية التي واجهتها الدولة، وكان من أصلب رجال الملك الباني الحسين بن طلال في مواجهة المهددات وأكثرهم إيماناً بالأردن وقيادته الهاشمية وشعبه المخلص للملك
وانتماء للوطن والأمة.
في بداية فترة رئاسته لدائرة المخابرات شهدت الساحة الأردنية تدفقا كبيرا لعودة عدد كبير لا بل معظم عناصر المنظمات الفدائية الفلسطينية لمنظمة التحرير من لبنان بعد الحرب الاسرائيلية عليه، وحصار بيروت وترحيل قيادات منظمة التحرير الفلسطينية إلى خارج الدولة اللبنانية إلى «تونس»، بهدف إنهاء العمل الفدائي الفلسطيني المسلح من لبنان باتجاه إسرائيل، وبتوجيهات من جلالة الملك المغفور له الحسين، فتح الأردن أبوابه كعادته دائما نحو الأشقاء الفلسطينيين لعودة الإخوة من عناصر منظمة التحرير وقياداتها وعلى رأسهم المرحوم ياسر عرفات رئيس المنظمة، بعد أن ضاقت | عليهم الأرض بما رحبت، وأغلقت الدول الأخرى – أبوابها أمامهم، وتم عقد مؤتمر تاريخي للمجلس الوطني الفلسطيني في عمان شاركت فيه كل الفصائل الفلسطينية، وكشفت المخابرات بقيادة علاء الدين في حينه، وكما أعلن ذلك «أبو عمار» في المؤتمر، مخطط تخريبي كان يهدف إلى قصف صاروخي لمكان عقد المؤتمر بقصر الثقافة بمدينة الحسين للشباب بعمان من قبل إحدى الفصائل المناوئة لمنظمة التحرير والمنشقة عنها.
وكان المؤتمر الوطني الفلسطيني في عمان خطوة مهمة لترسيخ الاستقلال والتمثيل للشعب الفلسطيني على طريق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود ١٩٦٧، والذي يدعمه الأردن ومازال بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يعمل بكل طاقاته وإمكاناته للوصول إلى هذا الهدف الفلسطيني العتيد.
في تلك المرحلة نفذ طارق علاء الدين رؤية الملك الحسين بكل شجاعة واقتدار من خلال دائرة المخابرات العامة وضباطها الأفذاذ، ذلك باحتواء كل الإخوة الفلسطينيين من المنظمة والعائدين من لبنان، الذين اصبحوا لاحقا من أعمدة البناء والولاء والانتماء للدولة الأردنية وللدولة الفلسطينية العتيدة على التراب الفلسطيني، وتم تجاوز معظم السلبيات والمعوقات والتجاوزات على القانون والنظام العام والأمن في الدولة من قبل البعض، مثل تهريب وتخزين الأسلحة والصواريخ والمتفجرات من قبل بعض الفصائل الراديكالية والمندفعة بحسابات خاطئة، وكانت النتيجة الإيجابية المطلوبة وهي تعزيز اللحمة الوطنية الأردنية الفلسطينية التي تحققت في فترة وجيزة من تلك المرحلة، والتي عززها الملك عبدالله الثاني منذ توليه أمانة المسؤولية عام ١٩٩٩.
لقد عمل الباشا علاء الدين بتوجيهات جلالة
الحسين على تطوير عمل دائرة المخابرات
الأردنية، وإعاد هيكلتها بما يتواءم مع أفضل
الأجهزة الاستخبارية العالمية، من حيث التعامل
المحترف مع ثورة التكنولوجيا والاتصالات والمعلومات، وإعداد وتدريب الضباط للتعامل معها وتوظيف أفضل الوسائل الاستخبارية لخدمة الوطن، حتى أصبحت «الدائرة» في طليعة الأجهزة الاستخبارية في المنطقة، ومرجعية عالمية في احتواء الفكر المتطرف ومكافحة الإرهاب وبنك معلومات نوعية هائلة
عن الاهتمامات المحلية والإقليمية والدولية.
وهي اليوم بقيادتها وكوادرها، وتنفيذها رؤى وتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني أصبحت على قمة الأجهزة الأمنية الذكية في العالم، ومقصدا للرأي الراجح في احتواء المخاطر الأمنية تحت سيادة القانون وحقوق الإنسان، وبما يتوافق ويحقق العدالة وتطلعات الملك للتطوير والتحديث والإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري في الدولة.
الباشا طارق علاء الدين الأردني العريق من
أصول عشائر الشركس الإسلامية، كان يعشق
الحسين و الهاشميين وأرض الأردن المقدسة،
ولابد لي هنا من ذكر موقف واحد من مواقف
الباشا أبا حسن: حيث كنا في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية نعمل من خلال «كرسي» الملك الحسين للدراسات الأردنية والدولية، على التحضير لمؤتمر دولي عن الحسين اتصلت بالباشا طارق علاء الدين بصفتي المنسق لأعمال كرسي الحسين، وطلبت منه أن يكون له مشاركة مختصرة كتابية عن فكر وعقيدة الحسين حيث أجابني بما يلي:
“لو كنت في وضع صحي يسمح لي بالحضور لكنت معزب أقف إلى جانبك باستقبال المشاركين والضيوف على كرسي الحسين… وانا لا أستطيع أبدا بفكرة واحدة او حتى كتابا إعطاء الحسين حقة عن فكره وعقيدته، لقد كان الحسين سيد القادة وحكماء عصرة، ويكفينا فخرا انه أورثنا جلالة الملك عبدالله الثاني أطال الله عمره وولي عهده سمو الأمير الحسين».. انتهى الحديث هنا عن الموضوع، ثم تابع أنا لا أتذكر أشيا كثيرة، حدثني عن عملكم في الكرسي واخبار الدائرة والزملاء.. واستمر حديثي معه لأكثر من ساعة ونصف الساعة دون كلل، وهو الباشا أبا حسن: حيث كنا في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية نعمل من خلال «كرسي» الملك الحسين للدراسات الأردنية والدولية، على التحضير لمؤتمر دولي عن الحسين اتصلت بالباشا طارق علاء الدين بصفتي المنسق لأعمال كرسي الحسين، وطلبت منه أن يكون له مشاركة مختصرة كتابية عن فكر وعقيدة الحسين حيث أجابني بما يلي:
“لو كنت في وضع صحي يسمح لي بالحضور لكنت معزب أقف إلى جانبك باستقبال المشاركين والضيوف على كرسي الحسين… وانا لا أستطيع أبدا بفكرة واحدة او حتى كتابا إعطاء الحسين حقة عن فكره وعقيدته، لقد كان الحسين سيد القادة وحكماء عصرة، ويكفينا فخرا انه أورثنا جلالة الملك عبدالله الثاني أطال الله عمره وولي عهده سمو الأمير الحسين».. انتهى الحديث هنا عن الموضوع، ثم تابع أنا لا أتذكر أشيا كثيرة، حدثني عن عملكم في الكرسي واخبار الدائرة والزملاء.. واستمر حديثي معه لأكثر من ساعة ونصف الساعة دون كلل، وهو
يفخر بكل ما تحقق من انجازات في الأردن، ثم دعاني وصديقنا المشترك عدنان أبو عودة رحمة الله عليه، لتناول فنجان قهوة معه ذات صباح
وكان مدرسة في حسن الخلق.
ترجل الباشا طارق علاء الدين وهو اليوم في دار الحق، ومقالتي اليوم في الرأي الغراء التي كان يعشقها الباشا، هي اضاءة على متانة وصلابة وإخلاص الأردنيين من القادة الرجال الرجال من بناة الوطن، رحمه الله وادخله الجنة مع الصالحين وامواتنا واموات المسلمين اجمعين – وحسن اولئك رفيقا، وعزاؤنا لزوجته ولأسرته الكريمة ودائرة المخابرات والوطن.
Rzareer@hotmail.com