محمد حسين فريحات
بعد مرور شهرٍ كاملٍ للحرب المدمرة والمجازر على قطاع غزة، وبدعمٍ ومشاركةٍ مباشرةٍ من المتحده الأمريكية وحلفائها من العجم والعرب، تتأرجح المواقف العربية والإسلامية بين الشجب والإستنكار والقلق على ما يحدث من جرائم القتل والتهجير والتطهير العرقي الواضح تجاه أهلنا في غزة الأبية من قبل الدولة الفاشية المحتلة، وبين المطالبة بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وعودة ما يسمى بالمفاوضات السلمية لحل الدولتين، وكأن الدبلوماسية العربية تجهل نوايا وأهداف الاحتلال الغاشم لتهجير الشعب الفلسطيني وخاصةً أهل غزة الصامدون رغم الأسى والجراح، وانشاء وطن بديل لهم، وهو بالمعنى السياسي تصفية القضية الفلسطينية، وبشكل نهائي، وعلى حساب مصر والاردن، وهذا مشروع أمريكي صهيوني طرح بقوة أثناء هذه الحرب، والتي كانت أحد أهدافها الرئيس القضاء على شبح حركة المقاومة الإسلامية حماس لوقوفها في وجه الإحتلال البربري لإفشال جميع مخططاته، ووقف الاعتداءات على المسجد الأقصى الشريف، وشنها حرب على فرقة غلاف غزة، أسمتها “معركة طوفان الأقصى” والتي أتسمت بالتخطيط والسرعة في الهجوم النوعي والمفاجئ، وجاءت النتائج بعد ساعات ، واسفرت عن قتل ما يزيد عن (١٤٠٠) جندي ومستوطن وأسر ما يزيد عن (٢٥٠) آخرين بحسب روايات المقاومة، الأمر الذي أدى إلى حرب إنتقامية من قبل هذا الكيان المجرم على قطاع غزة بمشاركةٍ أمريكيةٍ تم خلالها هدم ما يقارب ٦٠٪ من مباني القطاع، وتضرر أغلب البنية التحتية، وقتل الآلاف من المدنيين، والآلاف من الجرحى، والمئات من المعتقلين، وتهجير مئات الآلاف من الغزيين داخل القطاع، وقصف المستشفيات والمدارس ودور العبادة والأطقم الطبية وبشكل متعمد، وقطع المياه والكهرباء ، ومنع دخول المساعدات الإنسانية خلال الأسابيع الأولى من المعركة إلا القليل منها، ومنع دخول الوقود نهائياً الأمر الذي أدى إلى خروج معظم المستشفيات عن الخدمة، وذلك لحصار هذا الشعب وإجباره على الإنكسار والإذلال، والتمرد على المقاومة، ولكنه أثبت للعالم ولهذا الكيان المجرم، بأنه عزيز جبار يستحق الحياة لمقاومته الباسلة، وصبره على ما أصابه من دمارٍ وقتلٍ همجي، دفاعاً عن دينه وأرضه وعرضه، ونيانة عن كل الأمة.
وبعُرف الأمريكان والاوروبيين أصبح الاحتلال الغاشم ، دفاعا عن النفس، وبحسب الإتفاقيات والمواثيق الدولية (لاهاي وجنيف) ان الإحتلال ليس له السيادة الدائمة على الأرض التي إحتلها، ومن حق أصحابها الدفاع لتحريرها، وواجبات سلطة الإحتلال حماية المدنيين ، وتنسيق عمليات الأغاثة المختلفة، الا أنها لم تُلزم هذا الكيان، ولم تجد الأمم المتحدة الآلية لإلزامه بها، بالتالي سقطت هذه المنظمة أمام الاحتلال، داعين العالم العربي الإنسحاب منها.
جاءت المواقف الدولية الرسمية منحازةً للإحتلال الصهيوني البربري، مرفقةً أي تصريح لها بأحقية الكيان الغاصب بالدفاع عن النفس، مهملةً أحقية الفلسطينيين أصحاب الارض بالدفاع عن حقوقهم ، الذين تعرضوا للإجرام الهمجي والتطهير العرقي، وتم تتويج هذا الدعم والإنحياز لرفع معنويات الجيش المهزوم والمنكسر النفسية بزيارات من قبل الزعماء الأمريكان والأوروبيين، واستعدادتهم بالدعم المالي والعسكري وتزويدهم بالسلاح، الأمر تعتدى الزيارات بل وحضور إجتماعات مجلس الحرب الصهيوني المصغر من قبل الرئيس الامريكي بايدن ووزير دفاعه اوستن ووزير خارجيته بلينكن ، الذي صرح بمجرد وصوله إلى دولة الكيان المحتل امام المجرم نتنياهو بالقول{انا أتي أمامك اليوم ليس كوزير خارجية الولايات المتحده الأمريكية ولكن ايضا كيهودي} ونشر حاملات الطائرات في الشرق الاوسط هي الأكبر والأحدث عالميا.
وإنقلبت الموازين أصبح الجلاد ضحية والضحية جلاد، وضُرب بكل الاتفاقيات الدولية، ومعاهدات السلام مع العالم العربي، وقرارات مجلس الأمن التي عطلتها أمريكا دعماً وحمايةً لإجرام الصهاينة بعرض الحائط، وبأن ضعف الأمم المتحدة أمام دولة الإحتلال، وسقطت أقنعة الإنسانية والتحضر لتكشف عن وجوههم القبيحة.
وبالرغم من كل ما سبق من إجرام ومجازر لهذا العدو الفاشي ، جاءت المواقف العربية المتخاذلة والهزيلة والخجولة، بعكس مواقف شعوبها التي هبت في كل المدن والقرى والبوادي على مستوى العالم العربي، لا بل وبعكس مواقف الشعوب الأوروبية التي خرجت وقالت كلمتُها وجرّمت هذا الكيان.
وأقول لهذا الكيان البربري الغاصب ، كيف يمكن لهذا الشعب الفلسطيني المكلوم، المقاوم الجبار الحر الحي، أن يتصالح معكم، رغم جرائمكم وهمجيتكم.
وأقول للنظام العربي ولنظامنا أن الفرصة سانحةً ومواتيةً لتقفوا مع أنفسكم، ومع القطاع الذي يتعرض للمجازر على مرأى ومسمع الجميع، وطهروا مواقفكم من رجس إتفاقيات اليهود، وتواءموا مع شعوبكم.