د. عبير الرحباني
في كتابي ( الاستعمار الالكتروني والاعلام) الذي صدر عام 2015 ..والذي يعتبر الكتاب الاول في الوطن العربي والذي تم تسويقه محليا واقليميا.. اطلقت عنوان للفصل الثاني من الكتاب اسميته (عصر الشيطان) .. الكثيرون استغربوا من هذه التسمية.. واذكر ( الاب حنا كلداني) الذي كان حاضراً في حفل توقيع الكتاب .. والذي أبدى استغراباً على تسيمة الفصل الثاني بعصر الشيطان قائلاً لي: اننا والعالم ما زلنا بخير يا عبير .. وحينها أجبته ( يا ابونا لو كان هناك اسم اكبر من عصر الشيطان لما قصرت في التسمية)
هذا الفصل من الكتاب تناولت فيه تصورات عدة منها: حالنا اليوم وحالنا في المستقبل .. كما ويشرح خطورة الاستعمار الالكتروني على حياتنا وحضارتنا وقيمنا وهويتنا ولغتنا، وسلوكياتنا وثقافتنا .. وعاداتنا وتقاليدنا ومبادائنا ووطنياتنا .. وخطورته على المرأة العربية والاجيال الحالية والمستقبلية…
كما يتناول خطورة الاجهزة الذكية والهواتف الذكية وعلاقتها بالاستعمار الالكتروني .. الذي يختلف كل الاختلاف عن الاستعمارات التي سمعنا وقرأنا عنها في الماضي .. هذا الاستعمار آتانا من الفضاء وقدم لنا كل ما نحتاجه على طبق من فضة.. والذي يحاول تدمير معظم الدول واخضاعها بالقوة.. من دون الحاجة الى جنود وأسلحة تقليدية ومعدات تقليدية.. بل من خلال اسلحة تكنولوجية حديثة كشبكة الانترنت العملاقة التي تعتبر السلاح الرئيس في اخضاع الدول وتدميرها في آن واحد ..والقضاء على تراثها الحضاري والثقافي والتحكم باقتصادها وبكل جوانب الحياة عدا عن تحطيم كرامة الشعوب وإذلالها.
كما يركز الفصل الاخير والذي يتعلق بعنوان الكتاب.. على التدفق التكنولوجي الحر للمعلومات.. واتوقف هنا عند هذا الجانب فنتيجة لإختلالات التوازن في تدفق المعلومات ما بين دول الشمال ودول الجنوب فان المعلومات والاخبار المتدفقة الينا تخدم اهداف ومصالح الدول التي تسيطر على الاعلام وهو (الاعلام الدولي) وهذا ما لاحظه الاغلبية في ثورات الربيع العربي .. ونلمسه اليوم في جائحة كورونا .. الامر الذي يوكد سيطرة وتوغل الامبراطوريات الاعلامية العالمية ومدى تأثيرها وخطورتها علينا وعلى جزء كبير من العالم …. وما يؤكد ايضاً ان التدفق المعرفي والذي يسير باتجاه واحد من دول الشمال الى دول الجنوب .. لم يعد اداة من ادوات تطوير القدرات الثقافية والانسانية بقدر ما اصبح اداة لتكريس السيطرة الراسمالية واداة للاستغلال والهيمنة والاستعمار الالكتروني على العالم..
كما ويتحدث هذا الكتاب عن النظام العالمي الجديد حيث ظهر هذا المفهوم بعد استخدام مصطلح النظام الاقتصادي العالمي الجديد .. ومحاولة سعي الدول العظمى في ايجاد نظام عالمي جديد يخدم مصالحها ويحقق اهدافها .. كما يتحدث عن الهيمنة العالمية على العالم من خلال اشخاص يتحكمون في العالم..
وهذه الهيمنة الجديدة هي الاكثر خطورة والاكثر توغلاً والاكثر تأثيراً .. وهي الهيمنة على العقول البشرية.. والتأثير على الاتجاهات والرغبات والاعتقادات وانماط الحياة والاستهلاك والتوجهات والافكار…
وقد لعب الاستعمار الالكتروني في تذويب وتدمير القدرات الاقتصادية وتقليص السيادة الوطينة.. بحيث ادى الى ظهور قوانين جديدة في الوقت الذي لم تكن فيه دول العالم الثالث مهيئة وجاهزة لتقبّل سياسات وقوانين جديدة .. وبالتالي ولدت ضغوطاً جديدة لدى الافراد.
ففي الماضي كانت الامراض تنتشر في العالم وتؤدي الى قتل الملايين.. ولا أحد يعلم إذا كانت تلك الاوبئة مصنعة ام طبيعية !! نتيجة لعدم لعدم انفتاح الدول على بعضها البعض ولضعف الاتصال والتواصل ولغياب وجود شبكة الانترنت ..
أما اليوم ونتيجة لتطور الثورة التكنولوجية وتوسع شبكة الانترنت العالمية .. لم يعد يُخفى شيء على البشر.. فالحقائق لا بد ان تظهر من خلال كسر الحواجز بين الدول وتقريب المسافات وسهولة الاتصال والتواصل وسهولة نقل المعلومات وتداولها بين الدول والمجتمعات على حد سواء..
فهناك شياطين رئيسة في العالم لا تتجاوز اصابع اليد .. تتفرع منهم شياطين ثانوية وهذه الشياطين تتحكم في العالم وهي اشبه بالاخطبوط الذي لديه شهية ليس لها حدود.. وحلمهم السيطرة على العالم والتغول على البشرية.. ويرسمون خارطة طريق يريدون من خلالها ان يجعلوا العالم يسير بحسب رغباتهم واهدافهم..
فالاستعمار الالكتروني يحمل اشكال متعددة .. يمكن السيطرة على العالم على جميع الصعد .. وأهمها الاقتصادي وذلك من خلال شبكة الانترنت .. او من خلال الاجهزة الذكية .. او من خلال التحول الرقمي الذي طرأ على الاقمار الصناعية .. او من خلال تطوير اسلحة بيولوجية من خلال تطوير فايروسات ونشرها في العالم.. وبالتالي يقوم (الاعلام الدولي) على تعزيزها من خلال الترويج والنشر عبر الفضائيات العالمية ..
ومن هذا الاطار لنا حديث آخر